بعد أكثر من أربع سنوات على الهجوم الروسي على أوكرانيا، تواصل موسكو تمويل حربها رغم كلفتها المرتفعة، في وقت قفز الإنفاق الدفاعي نحو ثلاثة أضعاف بين عامي 2021 و2024، ما أعاد طرح سؤال القدرة الاقتصادية على تحمل نزاع طويل.
وبحسب صحيفة "التايمز"، ارتفع الإنفاق العسكري السنوي من 5.9 تريليون روبل إلى 16.2 تريليون روبل "150 مليار جنيه إسترليني"، ليصل إلى نحو 40% من إجمالي الميزانية الحكومية، بالتزامن مع تراجع الصادرات بنسبة 13.5% بما يعكس ضغوطا متزايدة.
وساعدت احتياطيات مالية كبيرة وارتفاع عائدات
النفط في عامي 2022 و2023
روسيا على عبور المرحلة الأولى من الحرب وتخفيف وقع
العقوبات الغربية، فيما ساهمت قيود حركة رؤوس الأموال ورفع أسعار الفائدة في كبح تراجع الروبل. كما عاد الناتج المحلي الإجمالي للارتفاع بنسبة 4% بعد هبوط أولي، مدفوعا بإنفاق مرتبط بالصناعات المتصلة بالحرب.
إلا أن تقريرا حديثا لمنظمة "PeaceRep" أشار إلى أن تراجع السيولة في صندوق الثروة الوطنية، إلى جانب انخفاض أسعار النفط وتراجع عائدات
الغاز، جعل الاقتصاد الروسي أقل قدرة على تمويل الحرب مقارنة ببدايتها.
وفي ما وصف باستثمار مزدوج في الجيش والاقتصاد، شهدت رواتب العاملين في المصانع العسكرية زيادة بنسبة 70% بين 2021 و2024 لتبلغ 106,800 روبل شهريا، بينما ارتفع راتب وبدل الانتقال للجندي المتعاقد سبعة أضعاف إلى 4.5 مليون روبل سنويا. وأسهمت هذه الزيادات في دفع الاستهلاك المحلي من دون تضخم مفرط، مع ميل كثيرين إلى الادخار، بالتوازي مع توسيع الشراكات التجارية مع
الهند والصين وتركيا لتخفيف أثر العقوبات وتنويع الصادرات.
ورغم استمرار قدرة موسكو على مواصلة الحرب حتى الآن، تبقى المؤشرات مقلقة مع تضخم عند 8% وتراجع في الدخول الحقيقية وارتفاع الضرائب الاستهلاكية، إضافة إلى رفع أسعار الفائدة إلى 16% بما زاد كلفة خدمة الدين الحكومي.
وفي هذا السياق، قال يانيس كلوج، محلل الشؤون الروسية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: "إن قوة الروبل، وانخفاض أسعار النفط، والعقوبات تشكل مزيجا ساما للخزانة الروسية"، في إشارة إلى تعقيد تمويل الحرب على المدى
الطويل. (ارم)