Advertisement

عربي-دولي

بوتين.. وتحدّيات السنوات الستّ المقبلة!

جمال دملج

|
Lebanon 24
08-05-2018 | 07:27
A-
A+
Doc-P-470943-6367056539070912875af1734ed6fa1.jpeg
Doc-P-470943-6367056539070912875af1734ed6fa1.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

بعدما أدّى الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين اليمين الدستوريّة عند منتصف نهار أمس الاثنين خلال مراسمَ احتفاليّةٍ تقليديّةٍ فخمةٍ أُجريت بحضور قرابةَ الخمسةِ آلافِ شخصٍ من المدعوّين داخل قصر الكرملين التاريخيّ العريق، إيذانًا ببدء ولايته الرئاسيّة الرابعة التي يُفترَض أن تستمرّ لغاية عام 2024، تستعدّ الساحة الحمراء في وسط موسكو لاستضافةِ فعاليّاتِ حدثٍ وطنيٍّ هامٍّ آخَر غدًا الأربعاء بمناسَبةِ الذكرى السنويّةِ الثالثة والسبعين للانتصار على النازيّة في الحرب العالميّة الثانيّة التي تسمّى في الأدبيّات المحلّيّة بـ "الحرب الوطنيّة العظمى"، وذلك عن طريق تنظيم الاستعراض العسكريّ الضخم والشهير الذي درجت العادة على أن تشارك فيه مختلف الوحدات البرّيّة والجوّيّة والبحريّة المنضوية تحت لواء المؤسّسة العسكريّة الروسيّة.

 

وإذا كانت العادة قد درجت أيضًا على أن تشكِّل هذه المناسَبة فرصةً دوريّةً تؤهِّل روسيا في مثل هذا اليوم من كلِّ عامٍ لكي تقوم بإيصال رسائلها المباشِرة إلى العالم الخارجيّ بخصوص الآليّات المستخدَمة في مجال تحديث قدراتها الدفاعيّة، بما يتناسب مع مدى تقدُّمها الواضح للعيان على طريق ترسيخ ركائز حضورها المتواصِل والمتفاعِل على الساحتين الإقليميّة والدوليّة، فإنّ التوقُّعات التي أشارت إلى أنّ استعراض الغد سيكون الأضخم من نوعه قياسًا بالأعوام السابقة، وخصوصًا من حيث الكشف عن المزيد من التقنيّات الصاروخيّة وغيرها من المعدّات القتاليّة المتطوِّرة مثل الطائرات الحربيّة والمروحيّات وطائرات الاستطلاع والدبّابات وعربات النقل المدرَّعة والروبوتات الخاصّة بنزع الألغام، لا بدَّ من أن تنتقل خلال الساعات المتبقيّة أمام موعد بدء الاستعراض من طور التوقُّعات إلى طور الأمر الواقع، علمًا أنّ الأيّام القليلة الماضية حملت في طيّاتها الكثير من الوقائع المسيئة لسمعة الصناعات العسكريّة الروسيّة، وآخِرها حادثة تحطُّمِ مروحيّةٍ من نوع "كا 52" ومقتل طيّاريْها بسبب عطلٍ فنّيٍّ أثناء قيامها بالتحليق نهار أمس الاثنين فوق المناطق الشرقيّة في سوريا.

 

وعلى رغم صعوبة الجزم في الوقت الحاليّ بما إذا كان ارتفاع عدد حوادث الطيران الحربيّ الروسيّ الناجمة عن الأعطال الفنّيّة في الآونة الأخيرة يُعتبَر مجرَّد صدفةٍ مشؤومةٍ أم إنّه مرتبطٌ بدخول قوى عسكريّةٍ أجنبيّةٍ جديدةٍ ومؤثِّرةٍ على خطّ الأزمة السوريّة، فإنّ الأمر في الحالتين لا يُلغي بالطبع فرضيّة أن يكون استعراض الغد في الساحة الحمراء الأضخم من نوعه لإيصال الردّ المناسِب على كافّة التحدّيات الراهنة التي تواجهها روسيا من الأقربين والأبعدين على حدٍّ سواء، ولا سيّما بعدما أصبح في حُكم المؤكَّد أنّ تداعيات عدم اتّزان سياسة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب حيال الملفّات الدوليّة الشائكة، لم تعُد تقتصر على تهديد مستقبل العلاقات الأميركيّة – الروسيّة وحدها وحسب، وإنّما على تهديد مستقبل العلاقات الأوروبيّة – الروسيّة أيضًا، من دون الأخذ في الاعتبار ما قد ينجم عن هذا النمط من "البهلوانيّة السياسيّة" من عواقبَ وخيمةٍ على الاستقرار والأمن الدوليّيْن، علمًا أنّ العديد من الخبراء الاستراتيجيّين يعتقدون إلى درجة اليقين الكامل بأنّ مشكلة روسيا لا تكمُن حاليًّا في شخص الرئيس ترامب بقدْر ما تكمُن في مخطّطات "الصقور الأميركيّين" الذين يواصلون بذل قصارى جهدهم للحيلولة دون تمكينه من تثبيت مواقعه في البيت الأبيض قبل التأكُّد من اكتمال عمليّة "تطويعه" لصالحهم بشكلٍ نهائيٍّ.

 

وبحسب أكثر الدراسات الأكاديميّة الروسيّة رصانةً حول هذا الموضوع، فإنّ السبب الوحيد الذي يفسِّر إصرار الرئيس بوتين على الذهاب إلى أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة تداعيات الحالة الأميركيّة الراهنة، يتمثَّل في إدراكه المسبَق لحقيقةٍ مؤدّاها أنّ رئيسًا يعرفه، حتّى ولو كان على شاكلة دونالد ترامب، أفضل بكثيرٍ من رئيسٍ مجهولٍ قد يأتي على غفلةٍ إلى البيت الأبيض، وخصوصًا إذا صحَّت التقارير التي تتحدَّث بين الحين والآخَر عن أنّ شطط مخطّطات أولئك "الصقور" يمكن أن يصل إلى حدِّ عدم التردُّد في السعي إلى الإطاحة بالملياردير الأشقر، قبل إكمال ولايته الرئاسيّة، عن طريق إغراقه بالمزيد من الفضائح التي ما زالت تطارده يومًا بعدَ يومٍ.

 

على هذا الأساس، يُصبح في الإمكان القول إنّ مسألة تحديد مستقبل الرئيس ترامب تكاد تتحوَّل إلى أهمّ التحدّيات التي ستواجه الرئيس بوتين مع بدء ولايته الرابعة في قصر الكرملين، ولا سيّما أنّ أيَّ تطوُّراتٍ محتملةٍ على هذا الصعيد في الولايات المتّحدة، لا بدَّ من أن تتحوَّل عندئذٍ إلى البارومتر الأمثل لقياس المدى الذي يمكن أن تذهب إليه روسيا في مجال ضبط النفس، قبل الإقدام على ما يتوجَّب عليها القيام به من خطواتٍ جوابيّةٍ مناسِبةٍ والبناء على الشيء مقتضاه.

 

ولعلّ ما يعزِّز هذا الاعتقاد، يتمثَّل في فحوى تسريباتٍ تحدَّثت مؤخَّرًا عن أنّ إدارة الرئيس بوتين تعوِّل كثيرًا في هذه الأثناء على دورٍ عقلانيٍّ فاعلٍ يمكن أن تلعبه ألمانيا وفرنسا من أجل حلحلة عقدة العلاقات المتأزِّمة ما بين روسيا وما بين الاتّحاد الأوروبيّ على خلفيّة تأزُّم العلاقات الأميركيّة – الروسيّة، وذلك خلال الزيارتيْن المرتقبتيْن لكلٍّ من المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس إيمانويل ماكرون في وقتٍ لاحقٍ من شهر أيّار الجاري للعاصمة الروسيّة، بما يمكن أن يؤثِّر بشكلٍ إيجابيٍّ أيضًا حتّى على إعادة ضبط إيقاع العلاقات الروسيّة – البريطانيّة.

 

أمّا بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط، وعلاوةً على ما سوف يرشح عن الاجتماع المقرَّر غدًا الأربعاء على هامش الاحتفالات الآنفة الذكر بـ "يوم النصر على النازيّة" بين الرئيس بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، فإنّ الملفّ السوريّ سيبقى بالتأكيد التحدّي الأكبر للقيادة الروسيّة، سواءٌ من جهة الحيلولة دون انزلاق المنطقة في متاهات حروبٍ جديدةٍ أم من جهة مواصلة الجهود المبذولة من أجل التوصُّل إلى التسوية السياسيّة المرجوّة.. وحسبي أنّ موسكو تنظر في هذه الأثناء باهتمامٍ بالغٍ إلى ما سوف تُسفر عنه نتائج الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة التركيّة المقرَّر إجراؤها يوم الرابع والعشرين من شهر حزيران المقبل، ولا سيّما أنّ أيَّ تغييرٍ محتمَلٍ على شكل القيادة الحاليّة في أنقرة، لا بدَّ من أن يحمل معه إلى روسيا الكثير من المفاجآت، علمًا أنّ الحديث عن إمكانيّة حدوث هذا التغيير بالفعل لا يزال سابقًا جدًّا لأوانه، ولا يعدو كونه مجرَّد تكهُّنات.

 

 

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك