صافرات إنذار، وأصوات قنابل، وحشود مُرعبة، هي مشاهد تكررت في روايات طلاب عرب تحدّثوا لـ"الشرق الأوسط" عن "ساعات الجحيم" خلال مغادرتهم أوكرانيا إلى دول مجاورة عادوا منها إلى دولهم بعد رحلات شاقة.
لم يكن أحد منهم يتوقع أن يضطر لتعليق دراسته، والتوجه إلى أقرب نقطة عبور تحت صوت القصف والقنابل. وتسببت العملية العسكرية الروسية في ارتباك مواطني أوكرانيا والعرب والأجانب المقيمين بمدنها، حسب الطالب المصري أحمد أبو بكر، الذي عاد أخيراً إلى مسقط رأسه بمحافظة قنا (صعيد مصر) بعد رحلة تنقل فيها بين عدد من المدن الأوكرانية والرومانية. وبينما اضطر الكثير من اللاجئين الأوكرانيين والعالقين العرب إلى السير لمسافة تصل لنحو 25 كيلومتراً للوصول إلى الحدود البولندية، فإن أحمد أبو بكر تمكن من العبور إلى رومانيا عبر مدينة إيفانو الأوكرانية التي تعرض مطارها للقصف في أول أيام الحرب، حيث انضم إلى مجموعة طلاب مصريين كانوا يدرسون في إيفانو قبل الاتجاه إلى الحدود الرومانية.
من جهته، عاش الطالب المغربي عزيز الذي كان يدرس بكلية الطب في خاركوف، أياماً شديدة القسوة قبل نجاحه في العبور إلى بولندا.
كان المغربي عزيز، 24 عاما، يستعد لركوب طائرة الخطوط الملكية المغربية من العاصمة السلوفاكية براتسلافا في اتجاه مطار الدار البيضاء، أمس، حين اتصلت به "الشرق الأوسط" ليروي لها قصة فراره من الحرب.
عاش عزيز أياما قاسية بعد الهجوم الذي شنته روسيا على أوكرانيا في 24 شباط الماضي، وما زال متواصلا إلى اليوم. كان عزيز يدرس في السنة الرابعة بكلية الطب في مدينة خاركوف الأوكرانية قبل أن تندلع الحرب. يقول: "استيقظنا في الساعة الرابعة صباحا على أصوات القنابل والصواريخ وأصابنا الهلع". في البداية التزم عزيز وأصدقاؤه بتعليمات السلطات بالبقاء في البيوت لكن في اليوم الثالث من الحرب (السبت) قرر رفقة مجموعة من المغاربة المغادرة.
يقول: "أخذنا وثائقنا الشخصية وبعض الملابس، وتركنا وراءنا باقي أغراضنا. كان علينا ركوب سيارة للتوجه إلى محطة القطار وسط المدينة". بيد أنهم تمكنوا بصعوبة من الحصول على خدمة النقل إلى المحطة مقابل مبالغ مضاعفة. وبمجرد الوصول إليها، كان المشهد مثيرا، حيث توافد الآلاف من السكان لمحاولة ركوب القطار، والهروب من الحرب. أوكرانيون، عرب من جنسيات مختلفة، أفارقة، أطفال، نساء. يقول عزيز، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا، إنه لم يكن سهلا الصعود للقطار بسبب الازدحام والفوضى واستعمال القوة من طرف بعض الأفراد. في النهاية تمكنت المجموعة التي تضم طالبات وطلبة مغاربة من الصعود إليه لتبدأ رحلة شاقة لا تنسى. استمرت الرحلة إلى مدينة "فوف" الأوكرانية القريبة من الحدود البولندية، 24 ساعة.
كان القطار مزدحما، والبرد قارسا، والأكل غير متوفر، ودورات المياه في القطار يصعب الوصول إليها.