قال المتحدث باسم الجيش السوري الحر التابع للمعارضة السورية، إبراهيم الجباوي، إن اجتماعاً عقدته المعارضة مع الجانب الروسي في جنوبي سوريا للتفاوض على اتفاق سلام مع الحكومة، انتهى بالفشل، بعد رفض مطالب موسكو بالاستسلام، في وقت تتفاقم فيه معاناة النازحين.
وأشار الجباوي إلى أن الروس لم يكونوا مستعدين لسماع مطالب فصائل المعارضة السورية، وأضاف أن موسكو قدَّمت خياراً واحداً لهم، وهو القبول "بشروط روسيا المذلة بالاستسلام"، مؤكداً أن ردَّ المعارضة جاء بالرفض.
وتشنُّ القوات السورية، منذ 19 حزيران 2018، بدعم روسي، عمليةً عسكريةً واسعة النطاق في محافظة درعا، بهدف استعادتها بالكامل، وتمكنت بموجبها من توسيع نطاق سيطرتها من 30 إلى أكثر من 50% من مساحة المحافظة، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
ويأتي هذا التصعيد الكبير على درعا، رغم وقف إطلاق نار متفق عليه في المنطقة منذ عام، بموجب اتفاق روسي أميركي أردني. ومع بدء الهجوم على المدينة أبلغت واشنطن الفصائل أنها لا تنوي التدخل عسكرياً لمساعدتها، أما الأردن المجاور، فيُجري اتصالات مع الأميركيين والروس "لدعم حل سياسي" في الجنوب، وفق ما قال وزير الخارجية أيمن الصفدي في نيويورك الخميس الفائت.
ما الخيارات المتاحة أمام الفصائل؟
يقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لوكالة الأنباء الفرنسية: "تواجه الفصائل خيارات أحلاها مر، بين التفاوض مع الطرف الروسي بواسطة الطرف الأردني، أو استمرار المقاومة العسكرية التي ستنتهي بالتفاوض تحت المزيد من الضغط العسكري".
وأشار هيلر إلى أن "أي حل تفاوضي لن يرضي الفصائل، لكن في الوقت ذاته لا يمكن للأهالي أن يتحملوا أكثر من طاقتهم من قتل وتدمير".
من جانبه، توقع الباحث نوار أوليفر من مركز عمران للدراسات ومقره إسطنبول، أن "يكون السيناريو المطروح أمام فصائل الجنوب مختلفاً عن بقية المناطق، بحكم الموقع الجغرافي للمنطقة وأهميتها الاستراتيجية"، على الحدود مع إسرائيل والأردن.
وأوضح أن "غرفة الموك" -وهي تسمية تطلق على غرفة عمليات أردنية أميركية مقرها عمان- تولَّت خلال السنوات الماضية تدريب فصائل الجنوب، و"بذلت جهداً كبيراً لتحييد الفصائل عن جولات قتال كثيرة" مع النظام السوري، لإبقاء الجبهة قرب حدود الحليفين هادئة نسبياً.
وأضاف أوليفر أن "موضوع التهجير بعيد جداً عن التطبيق.. والمرجح أن يتحول المقاتلون إلى شرطة مدنية في الريف الغربي لدرعا"، حيث من المتوقع أن تنكفئ الفصائل على أن "يكون لها دور في قتال داعش"، الموجود في جيب في جنوب غربي درعا. وعما إذا كان النظام سيقبل بذلك، يقول إن "روسيا ستدفعه للمساومة والقبول".
أما الباحث المنحدر من محافظة درعا، أحمد أبا زيد، فقال إن فصائل المعارضة رفضت عرضاً روسياً تلقَّته عبر الأردن، وتضمَّن "استسلامها وتسليم سلاحها الثقيل، وتحول مَن يريد من مقاتليها إلى شرطة محلية في المنطقة".
ما هي استراتيجية النظام لدفع الفصائل إلى الرضوخ؟
تعتمد قوات النظام بدعم روسي الاستراتيجية العسكرية ذاتها، التي اتَّبعتها في الغوطة الشرقية، وقبلها في مدينة حلب، حيث تمهِّد لهجومها بقصف كثيف، ثم تعمل على فصل مناطق سيطرة الفصائل إلى أقسام عدة، تمهيداً لقضمها تدريجياً وإجبار مقاتلي المعارضة على الرضوخ.
وأجبرت كثافة القصف الفصائل على الانسحاب من القسم الأكبر من ريف درعا الشرقي. ويرى أوليفر أن "عدم قدرة الفصائل على الصمود ليس مرتبطاً بتخلي واشنطن عنها فقط، بل أيضاً جراء تدخل الطيران، المفصلي في أي معركة على الأرض".
(عربي بوست)