لا يمكن تقدير ما ستؤول إليه الأمور على الصعيد الحكومي. فالتشكيل لا يزال في مهب الخلافات السياسية على الحصص الوزارية. فإتصالات ولقاءات الساعات الماضية صبت كلها في خانة الحركة بلا بركة. فالمكونات السياسية تجمع على ألا جديد حكومياً. وان الأمور لا تزال تتراوح مكانها. فزيارة الرئيس المكلف سعد الحريري لرئيس المجلس النيابي نبيه بري رغم أهميتها بالشكل بيد أنها لم تعكس أي تطور ايجابي.
لقد خرج المشاركون في لقاء الأربعاء بعد غياب دام أشهر عدة بسبب الانتخابات النيابية وما أعقبها، بانطباع بألا جديد على المستوى الحكومي.
وبناء على غياب المعطيات الإيجابية حيال التأليف الحكومي انصب اهتمام الرئيس بري على مناقشة خطوات وضع حد للفساد وضرورة تفعيل عمل المجلس.
لقد شرح "الأستاذ" خلال لقاء الاربعاء الذي انضم إلى ناديه اليوم النائبين زياد حواط وفؤاد مخزومي، دوافعه لدعوة هيئة المجلس إلى اجتماع يوم الاثنين ومن ثم دعوة الهيئة العامة إلى اجتماع الثلاثاء المقبل في 17 من تموز الجاري لانتخاب اللجان النيابية، على ان يلي ذلك جلسة تشاور عامة من قبل أصحاب السعادة في الأوضاع الراهنة المتصلة بالتأليف الحكومي. هذه الخطوات بحسب النواب هي استثنائية فالعادة لم تجرِ على انتخاب اللجان قبل الولادة الحكومية ومرد ذلك أن بري أراد أن ببعث رسالة انزعاج وحث في الوقت ذاته للأطراف المعنية.
وفي هذا السياق يشدد رئيس المجلس على أن البرلمان لا يستطيع الانتظار، بل سيبادر إلى تفعيل لجانه ودعوة وزراء تصريف الأعمال للمشاركة في هذه اللجان، خاصة وأن اقتراحات ومشاريع قوانين لا تزال عالقة في المجلس يضاف إليها قرابة 12 اقتراح قانون أحيلوا خلال هذه الفترة. والغريب أن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة خلال زيارته البارحة عين التينة، اشار للرئيس بري بحاجة الحكومة إلى تمرير مجموعة من القوانين العالقة والتي أحالتها في أوقات سابقة.
ويشدد الرئيس بري أمام زواره من النواب على أن المجلس النيابي المقبل يجب أن يتحول إلى ورشة عمل مفتوحة على صعيد اللجان والهيئات العامة ومناقشة الحكومة ومراقبتها وإقرار القوانين. ويقول إن هذا المجلس يجب أن يكون أكثر فاعلية من مجلس العام 1998 الذي كان مشهوداً له بحيويته وانتاجيته، مع إشارته إلى أن الوضع الاقتصادي حساس جداً ويجب أخذ ذلك بعين الاعتبار للتعجيل في تشكيل الحكومة.
أما في ما خص مكافحة الفساد، فصحيح أن من الضرورة محاسبة كل لص يرتشي ويسرق في الدولة اللبنانية، كما يؤكد بري، لكن من المهم أيضاً معالجة الأشكال الأخرى للفساد والمتصلة على سبيل المثال بالتطوع بالاسلاك العسكرية المختلفة والتي لا تستند في اختيار الناجحين إلى معيار الكفاءة.
وعلى هذا الأساس أشار إلى دورة قوى الأمن الداخلي التي تقدم لها قرابة ما يزيد عن 45000 يتوزعون بين 40000 مسلم و7000 مسيحي. وقال إنه أبلغ الرئيس المكلف خلال لقائهما الاخير ضرورة اعتماد معيار الكفاءة مع مراعاة التوازن المذهبي وعدم اعتماد المحاصصة الحزبية أو السياسية. ولهذه الغاية أوعز بري إلى مستشاره احمد البعلبكي، أن يقوم ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا بصفته ممثلا السيد حسن نصر الله بزيارة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان لابلاغه موقف الثنائي الشيعي من أهمية اعتماد الكفاءة معياراً، وانه حتى لو اعترضت الطوائف الأخرى على هذا الإجراء فإنه سيبقى وحزب الله مصرين على عدم إخضاع الحصة الشيعية لأية محاصصة، مع ضرورة أخذ الأوائل وفق نتائج الامتحانات والاطلاع على العلامات.
ما تقدم سيشكل في حال اعتماده مدخلاً لإحراج القوى السياسية الاخرى، مع استرسال بري بالقول إن قرابة 20000 شيعي تقدموا بطلبات تطوع إلى قوى الأمن الداخلي، وهو ليس في وارد ان يرضي العشرات ويغضب الالاف المتبقية. ولذلك فإن معيار الكفاءة يشكل مخرجاً للجميع وينطبق مع منطق الدولة.