عام 2006 إكتسحت حركة "حماس" نتائج الانتخابات التشريعية بفوزها بـ 76 مقعداً من أصل 132، في ذلك الوقت قيل إن "حزب الله" إغتبط بالنتيجة لكنه نصح "حماس" ألا تمسك بالسلطة التنفيذية لأن ذلك يسهل عزل وضرب الحكومة الفلسطينية برمتها.
أسكر النصر "حماس" وتكفلت بتأليف حكومة أدت الى حرب 2007 على غزة، ثم إحكام الحصار عليها فإندلاع الصراع الفلسطيني - الفلسطيني، ولا زالت فلسطين بحسب متابعين تدفع ثمن تأليف تلك الحكومة.
في لبنان وبعد الانتخابات التشريعية، صرح قائد فيلق القدس قاسم سليماني أن حلفاء "المقاومة" في لبنان قد فازوا ب 76 مقعدا من أصل 128، والمفارقة أن رقم 76 تكرر في فلسطين وفي لبنان، فخرج البعض من "التيار الوطني الحرّ" ليتصدى لمقولة سليماني لكن الأكيد أن لحزب الله فوبيا من استلام السلطة في لبنان مما دفعه لرفض حكومة اكثرية بأي شكل من الأشكال، حتى أنه يُكرر عبر مسؤوليه أنه كان بإمكانه المشاركة الفاعلة بالسلطة بعد تحرير العام 2000 لكنه فضل البقاء خارجها...
وعندما زار رئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل برفقة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي المنظر لفكرة حكومة الاكثرية الرئيس نبيه بري أكدت عين التينة ان الحركة والحزب متفقان على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية ورفضهما فكرة حكومة الاكثرية.
ويبدو ان حزب الله متمسك بتكليف الرئيس سعد الحريري أكثر من أي شخص ثان، وهذا ما عممته قيادات الحزب على مجمل الاعلام اللبناني. ولا يخفى على أحد أن التعرض للرئيس نجيب ميقاتي من بوابة بعض الإعلام المحسوب على فريق "حزب الله"، وطوراً بإشاعة جو بعدم جهوزية أي سني يدور في فلك الحزب لترؤس الحكومة معطوفاً على قول رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد في لحظة الاستشارات أن الحزب جاهز للمساعدة لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، يصب في ذات الاتجاه.
مما سبق يتضح أن تأليف الحكومة ولو تأخر لن يكون الا مع الرئيس سعد الحريري نفسه، للاسباب استراتيجية تتعلق بتوازنات لبنان المالية والعسكرية والاقتصادية والتعددية، وليس صدفة ان يصرح قائد الجيش من واشنطن ان 90% من حاجات الجيش توفرها الولايات المتحدة الاميركية، وليس صدفة ما جرى تسريبه من ان الجيش الاميركي قد سلم مطلوبين لبنانيين الى مخابرات الجيش من دون العودة الى أي جهاز امني اخر، وليس صدفة ان الثنائي الشيعي مصر على تمثيل القوات اللبنانية والتي قيل أن طلباً اميركيا مباشراً قد ابلغ لكل الجهات بضرورة إرضائها حكومياً.
من هنا يستنتج المراقبون أن الحكومة ستكون حكومة وحدة وطنية و"حزب الله" لا ولم ولن يرغب بتأليف حكومة أكثرية تعرض لبنان الهش، اقتصاداً وأمنيا وسياسياً لنكسات تطيح بكل مكاسبه الشعبية والانتخابية...