قال البروفيسور أندرو لاثام، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ماكاليستر وزميل غير مقيم في مؤسسة "ديفينس برايوريتز" البحثية الأميركية، إن الخصم الأخطر الذي يواجه
الولايات المتحدة اليوم لا يحمل علم
الصين ولا
روسيا، بل يتجسد في عبء الدين العام المتراكم الذي يقترب من مستوى 100% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال سيكيورتي جورنال"، أن الدين تحول من مشكلة اقتصادية إلى قيد استراتيجي يضغط على قرارات
واشنطن قبل أن تبدأ أي أزمة فعلية.
وأوضح أن ارتفاع كلفة الفوائد إلى ما يقارب تريليون دولار سنوياً أصبح يزاحم ميزانية الدفاع، ويضعف القدرة العسكرية والصناعية للولايات المتحدة في مرحلة تتطلب ثباتاً ومتانة طويلة المدى لمواجهة الصين وروسيا.
الديون: الخصم الجديد
أوضح الكاتب أن واشنطن تميل دائماً إلى التركيز على الخصوم التقليديين: الصين تبني الأساطيل البحرية، وروسيا تحدّث ترسانتها النووية، وإيران تزعزع الاستقرار الإقليمي.
لكن الخطر الأكبر، برأي الكاتب، يكمن داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث يتضخم الدين العام ليصل إلى38 تريليون دولار، وهو ما يعيد صياغة حدود القوة الأمريكية.
وقال الكاتب إن الديون لا تؤدي إلى انهيار مفاجئ للدول الكبرى، بل تؤدي إلى تآكل بطيء في القدرة الاستراتيجية، وتحويل القرارات الكبرى إلى رهائن لاعتبارات التمويل.
الديون كجاذبية استراتيجية
أوضح الكاتب أن واشنطن، في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تصرفت وكأن القيود المالية اختيارية، فخاضت الحروب بالاقتراض، وأدارت الأزمات بالتمويل الطارئ، وأجّلت الإصلاحات البنيوية.
وأضاف لاثام أن الدين اليوم لا يهدد بانهيار مالي، لكنه يعمل كقوة جذب تسحب الموارد من
المستقبل إلى الماضي. فالفوائد السنوية التي تقارب ميزانية الدفاع نفسها، تؤدي إلى تقليص الإنفاق العسكري، والحد من الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، وتراجع القدرة على بناء قوة رادعة ومتماسكة.
وتابع الكاتب أن المنافسة مع الصين وروسيا ليست معركة قصيرة بل صراع أجيال، وهذه المنافسة تحتاج ثباتاً مالياً أصبحت واشنطن تفتقده شيئاً فشيئاً.