أقرّ
مجلس النواب اللبناني اتفاقية قرض ميسّر مع
البنك الدولي للإنشاء والتعمير بقيمة 200 مليون دولار أميركي، لتمويل مشروع التحوّل الأخضر في قطاع الأغذية الزراعية من أجل التعافي الاقتصادي (GATE)، الذي أعادت
وزارة الزراعة تفعيله وتحديثه ضمن رؤيتها للنهوض بالقطاع وتعزيز صمود الريف وتمكين المزارعين والمؤسسات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة.
ويأتي إقرار المشروع بعد نقاش مستفيض في
الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث عبّر عدد كبير من النواب من مختلف الكتل السياسية عن دعمهم للمشروع، معتبرين إياه فرصة إنقاذ حقيقية للقطاع الزراعي، الذي لطالما شكّل ركيزة اقتصادية واجتماعية أساسية، ورافعة للاستقرار في
لبنان. وقد شدّد النواب خلال مداخلاتهم على أهمية التنفيذ الفوري والشفاف، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، مع ضرورة توجيه الاستثمارات نحو المناطق الريفية الأكثر تهميشًا، واعتماد مفاهيم الزراعة الذكية والتكيّف المناخي ضمن السياسات الوطنية، واعتبار المشروع خطوة لاستعادة ثقة
المجتمع الدولي بلبنان.
وزارة الزراعة أكدت أن هذا القرض ليس عبئًا جديدًا يُضاف إلى الدين العام، بل هو مشروع سابق جُمّد سابقًا وأعيدت هيكلته بالكامل وفق أولويات وطنية واضحة ورؤية إصلاحية تمتد حتى عام 2035، بالتعاون مع البنك الدولي، وبآليات صارمة تضمن الحوكمة، الشفافية، والرقابة المستقلة.
ويُعدّ هذا المشروع أول استثمار زراعي بهذا الحجم يُقرّه
البرلمان اللبناني منذ سنوات، ما يعكس ثقة المجتمع الدولي بالإدارة الزراعية الحالية وقدرتها على تحويل الخطط إلى مشاريع قابلة للتنفيذ. ويهدف المشروع إلى تحفيز الاقتصاد الأخضر، تعزيز الأمن الغذائي، دعم البنية التحتية الزراعية، وتأهيل شبكات
الري، إلى جانب تقديم منح وقروض ميسّرة لصغار المزارعين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وخلق آلاف فرص العمل الجديدة في الريف اللبناني.
وزير الزراعة الدكتور
نزار هاني شدّد على أن المشروع ليس مجرّد تمويل مالي بل حجر أساس في بناء نموذج زراعي جديد أكثر مرونة وقدرة على التكيّف مع التحديات المناخية والاقتصادية. وأوضح أن المشروع نابع من دراسات ميدانية دقيقة وخارطة زراعية جديدة تأخذ بعين الاعتبار واقع الموارد وتغيرات المناخ، ويستند إلى توصيات علمية وشراكات دولية موثوقة بهدف إحداث تحوّل نوعي في بنية القطاع، ليصبح أكثر عدالة وإنتاجية، ومنفتحًا على الأسواق الإقليمية والدولية.
هاني أكد أن المشروع يعزز مبدأ تتبّع
المنتجات الزراعية، ما يتيح فتح أسواق تصديرية جديدة ترتكز على الجودة وسلامة الغذاء، مع العمل على تفعيل سجل المزارعين لضمان عدالة الاستفادة، وتفعيل دور الملحقين الاقتصاديين في السفارات
اللبنانية لتسويق الإنتاج الزراعي وفتح أبواب التصدير. كما أشار إلى أن إعادة تفعيل المشروع ساهمت في جذب أكثر من 80 مليون دولار إضافية من مشاريع المنح لدعم برامج زراعية تكاملية تشمل التحديث، الحوكمة، وبناء القدرات.
وفي ختام كلمته، توجه هاني بالشكر إلى المجلس النيابي والنواب على دعمهم لهذا المشروع الحيوي، مؤكداً
التزام الوزارة بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة، وبالتنسيق مع مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية لضمان التنفيذ الأمثل للمشروع، الذي يُعدّ انطلاقة فعلية نحو زراعة منتجة، خضراء، قائمة على الابتكار، ومندمجة في
الاقتصاد الوطني والدولي.