Advertisement

لبنان

الموقوفون السوريون... مفاوضات قانونية بمضمون سياسي

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
12-10-2025 | 10:01
A-
A+
Doc-P-1428308-638958587248473017.jpg
Doc-P-1428308-638958587248473017.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
يشهد الملف القضائي المتعلق بالسجناء السوريين في لبنان تطوراً نوعياً بعد سنواتٍ من الجمود والتوتر بين بيروت ودمشق. فالأسبوع المقبل، سيعقد ممثلون عن الحكومتين اللبنانية والسورية اجتماعات تنفيذية لبحث الآليات العملية لمعالجة هذا الملف، حيث يزور وزير العدل السوري مظهر الويس بيروت الثلاثاء المقبل لمتابعة ملف إطلاق سراح الموقوفين السوريين في لبنان، بعدما توصل الجانبان إلى تفاهمٍ أولي خلال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، في خطوة اعتبرت بداية مرحلةٍ جديدة في العلاقات بين البلدين.
Advertisement

لقد جاءت زيارة الشيباني لتعيد تفعيل خطوط التواصل الرسمي بين العاصمتين في ظل متغيرات إقليمية متسارعة وبدفعٍ سعودي. وخلال محادثاته في بيروت، أعلن الشيباني أن صفحة جديدة تفتح مع لبنان، مؤكداً احترام بلاده لسيادته ورغبتها في تجاوز إرث الخلافات الماضية، في إشارة إلى نية سورية لاستعادة حضورها السياسي عبر مسار أكثر دبلوماسية وأقل وصاية.

وقد أفضت الزيارة إلى اتفاق مبدئي يقضي بتسليم السجناء السوريين الذين لا يواجهون أحكاماً بتهم القتل أو الإرهاب، وهو ما أعلنه مدير إدارة الشؤون العربية في الخارجية السورية محمد طه الأحمد، مؤكداً أن الرئيس أحمد الشرع يتابع الملف شخصياً، وأن تجاوب بيروت كان إيجابياً. وترافق ذلك مع تأكيد لبناني على أن أي تسليم لن يشمل المتورطين بالدم اللبناني أو الذين اعتدوا على الجيش، إذ تبقى هذه الملفات خاضعة للمسار القضائي الطبيعي من دون أي استثناء.

تشير الأرقام المتداولة إلى وجود نحو ألفين ومئتين وخمسين سجيناً سورياً في السجون اللبنانية، أي ما يقارب ثلث العدد الإجمالي، بينهم نحو سبعمئة شخص يمكن أن تشملهم عملية التسليم إذا تم توقيع اتفاق قضائي جديد بين البلدين، إذ لا توجد حالياً معاهدة تنظم تبادل المحكومين. ويأتي ذلك فيما زار وفد لبناني رسمي دمشق الشهر الماضي، ضمّ قضاة ومسؤولين سياسيين مكلفين بمتابعة الملف، حيث طالب الجانب السوري بتسليم جميع الموقوفين السوريين والاطلاع على ملفاتهم، مركزاً على أولوية الإفراج عن الموقوفين المنتمين إلى «جبهة النصرة» أو «هيئة تحرير الشام». في المقابل، يحافظ لبنان على موقف حازم حيال هذه المسألة، انطلاقاً من قناعته بأن عدداً كبيراً من الموقوفين شاركوا في مواجهات مسلّحة ضد الجيش خلال أحداث عرسال، ما يجعل أي خطوة لإعادتهم إلى سوريا سابقة لأوانها.

في المقابل، تبدي دمشق رغبة في طيّ هذا الملف سريعاً، وتقترح مقاربة جديدة تقوم على تفاهم مباشر بين السلطات القضائية في البلدين، يتيح تجاوز التعقيدات القائمة والوصول إلى تسويةٍ عملية تضمن احترام الأصول القانونية، من دون أن تتحول القضية إلى مادة خلاف سياسي إضافية.

وعليه، يمكن القول إن المسار القانوني ما زال يواجه عراقيل جدية، إذ يمنع القانون اللبناني تسليم أي سجين لم يصدر بحقه حكم نهائي، كما لا يمكن نقل من لم يبت في قضيته بعد. وقد أنجزت لجنة مشتركة من وزارتي الداخلية والعدل ملفات مئات السجناء تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم، إلا أن غياب الإطار القانوني الملزم حال دون تنفيذ ذلك.

لكن خلف هذا الملف القضائي، تبدو الأبعاد السياسية أوضح من أي وقت مضى. فدمشق الشرع تحاول من خلاله اختبار استعداد بيروت لإعادة فتح قنوات التعاون الرسمي معها، فيما يتعامل لبنان بحذر بين اعتبارات خارجية وضغوط داخلية تفرض عليه موازنة دقيقة بين متطلبات التعاون الأمني ومخاوف العودة إلى نفوذ سوري مباشر. فهو يسعى لتثبيت مبدأ التعامل المتوازن الذي يحفظ استقلالية قراره ويتيح التعاون الأمني دون خضوعٍ سياسي. كما أن هذا المسار يأتي في لحظة إقليمية دقيقة، حيث تشهد المنطقة إعادة رسم للتحالفات، وتبدو دمشق حريصة على استثمار أي انفتاح لبناني لتكريس موقعها الجديد.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

هتاف دهام - Hitaf Daham