Advertisement

لبنان

حصيلة زيارة أورتاغوس إلى بيروت.. لا جديد والضغوط مستمرّة

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
30-10-2025 | 08:00
A-
A+
Doc-P-1435877-638974174127592767.jpeg
Doc-P-1435877-638974174127592767.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
صحيح أنّ اللقاءات التي عقدتها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس في لبنان، وُصِفت بـ"البنّاءة"، إلا أنّ كلّ المصادر تجمع على أنّها لم تسفر سوى عن "رسائل تهدئة لفظية"، إن صحّ التعبير، بعد تصريحات زميلها توم براك الأخيرة، التي لوّح فيها بتحرّك إسرائيلي وشيك ضدّ "حزب الله" في حال عدم المضيّ سريعًا بإجراءات نزع سلاحه، إلا أنّها رسائل بقيت دون ترجمة، طالما أنّها لم تقترن بالتزامات ملموسة تكبح الخروقات الإسرائيلية المتواصلة.
Advertisement
 
بهذا المعنى، فإنّ الزيارة التي التزمت فيها أورتاغوس الصمت، خلافًا لأدائها "المنفعل" ربما في زياراتها الأولى، كرّست الانطباع بأنّ واشنطن تواصل اختبار "حسن النوايا" من الجانب اللبناني قبل أي خطوة مقابلة، وهو ما برز صراحةً في الكلام المنسوب إليها، بعد مشاركتها في اجتماع وقف إطلاق النار الذي عُقد في الناقورة، حيث اعتبرت أنّه "يتعين على الجيش اللبناني الآن تنفيذ خطته بشكل كامل"، على حدّ تعبيرها.
 
وفيما تزداد الشكوك حيال صدقيّة "المسار" مع الإعلان عن إلغاء زيارة توم براك، مع ما يعنيه ذلك من تعثّر على خط محاولة تبديد المناخ السلبي الذي خلّفته تصريحاته، يعود السؤال نفسه إلى الواجهة: ما الجدوى من مسار تفاوضي لا يحمل ضمانات، فيما التصعيد الميداني يتواصل والاقتصاد الداخلي يضيق بهامش الوقت؟ وهل تكفي نافذة الوساطة المصرية الناشئة لتعديل الإيقاع، أم أنّ مسار الضغوط سيبقى هو الحاكم؟
 
زيارة بلا مكاسب سياسية؟
 
وفق المعلومات المتوافرة، تبدو المحصلة السياسيّة لزيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس محدودة. ففي حين حرصت على الدفع نحو تنشيط القنوات التقنية وتنفيذ "خطة الجيش" بشأن نزع السلاح سريعًا، كان لافتًا غياب الإطار السياسي الضامن، إذ لا تزال إسرائيل ترفض تقديم أيّ التزام بفرملة الاعتداءات والخروقات، في مقابل عدم اكتراث في أحسن الأحوال من جانب واشنطن، التي لا يبدو أنّها في وارد الضغط على تل أبيب لوقف هجماتها.
 
باختصار، لم توحِ زيارة أورتاغوس بأيّ تغيير في المقاربة، على الأقلّ لناحية العمل على تطبيق آلية "خطوة مقابل خطوة"، التي كان الرئيس جوزاف عون أول من طرحها، في حين بدا أنّ الزيارة كرّست المقاربة إياها، التي تطالب لبنان بإظهار تقدّم، فيما المقابل مؤجَّل وغير محدّد، علمًا أنّ هذه المقاربة تعيد إنتاج الحلقة المفرغة ذاتها، إذ إنّ كل تنازل أحادي يُقرأ ضعفًا ويُستنزَف بلا مقابل، وكل حادث حدودي يعيد العدّاد إلى الصفر.
 
عمليًا، يقول العارفون إنّ القناة الأميركية تبدو في هذه المرحلة، وكأنّها تحوّلت إلى أداة ضغط أكثر منها وساطة، في ظلّ تلويح إسرائيلي متكرر بتوسيع الحرب، وقد جاء إلغاء زيارة براك ليضيف طبقة شكّ جديدة. فإذا كان الهدف المعلن تثبيت تهدئة، فإنّ الخطوات الملموسة يجب أن تبدأ من كبح الخروقات، لا من مطالبة لبنان بمزيد من "الإثباتات". ما دون ذلك، يبقى المشهد كما هو: رسائل دبلوماسية ليّنة تُغطّي سياسة خشنة، فيما النتيجة العملية "لا جديد".
 
ضغط مزدوج
 
هكذا إذًا، قد تكون خلاصة زيارة أورتاغوس إلى بيروت استمرار الضغوط على لبنان بشكل أو بآخر، من دون أيّ ضمانات والتزامات، وكأنّ الولايات المتحدة تقول إنّها "عاجزة" عن ممارسة أيّ ضغط على إسرائيل أو حتى إقناعها، لكن أبعد من هذا "العجز" غير القابل للتصديق، ثمّة من يتحدّث عن "مناورات" تلعبها الولايات المتحدة نفسها ، من خلال توزيع الأدوار ما بين إسرائيل من جهة، ومصر من جهة ثانية.
 
هما مساران متناقضان إذًا في الشكل، لكنهما متكاملان من حيث الوظيفة، بحسب ما يقول البعض، فالولايات المتحدة لا تتردّد في إعلان انحيازها الكامل لصالح إسرائيل الماضية في التصعيد الميداني جنوب لبنان، عبر رفع وتيرة الخروقات وتوسيع بنك الأهداف لزيادة الكلفة على الدولة و"حزب الله"، وهنا يُقرَأ خلف السطور ما يمكن وصفه بـ"عدم الممانعة الأميركية" لأيّ تحرك إسرائيلي ضدّ الحزب مهما بلغ حجمه.
 
في المقابل، تُظهِر واشنطن أيضًا الدعم للحراك المصري الناشئ، والذي يضعه البعض في خانة "ملء الفراغ" الذي نجم عن إفراغ المبادرة الأميركية من مضمونها. هنا، يقول العارفون إنّ الحراك المصري لا يزال حتى الآن في دائرة "استطلاعية"، وبالتالي فمن المبكر الحكم عليه، مع الإشارة إلى أنّ نجاحه يتوقف على شرطين: داخليًا، توفير خطاب رسمي موحّد يخفّض التناقض بين الرسائل السياسية والوقائع الميدانية؛ وخارجيًا، هامش سماح أميركي يتيح للقاهرة الحركة، واستعداد إسرائيلي لتلقّف آلية "خطوة مقابل خطوة" بحدّها الأدنى.
 
في النتيجة، يمكن القول إنّ حصيلة زيارة أورتاغوس تُثبّت الأمر الواقع: لا جديد يُبنى عليه، والضغوط على لبنان مستمرّة. قد تكون النافذة العملية الوحيدة الآن هي تحويل الحراك المصري من "جسّ نبض" إلى ممرّ منهجي لتخفيض التصعيد بخطوات متبادلة قابلة للقياس، وبأقل ضجيج ممكن. وإلّا، سيظلّ الميدان يملأ الفراغ السياسي، وترتفع الكلفة على الجنوب والاقتصاد والناس، فيما تبقى "التسوية" مؤجّلة إلى حين تبدّل المعادلات.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa