كتب اسكندر خشاشو في "النهار": وجّه المدعي العام التمييزي القاضي جمال
الحجار كتاباً إلى وزير العدل القاضي عادل نصار، يطلب فيه رفع الحصانة النيابية عن الوزير السابق والنائب الحالي
جورج بوشكيان، تمهيداً لملاحقته قضائياً بتهم تتعلق بـ"الاختلاس والتزوير والابتزاز" في أثناء توليه وزارة الصناعة في حكومة
الرئيس نجيب ميقاتي.
وبحسب ما ورد في مضمون الكتاب القضائي، فإن بوشكيان يواجه اتهامات باختلاس المال العام، والتزوير في مستندات رسمية، وابتزاز عدد من أصحاب المصانع من خلال فرض شروط أو مقابل تسهيلات إدارية للحصول على تراخيص صناعية.
وجاءت هذه الاتهامات بعد سلسلة من التحقيقات الأولية أجراها القاضي الحجار، كان أبرزها استجواب بوشكيان بصفة شاهد في 28 حزيران الماضي، حيث قُدّمت مستندات وإفادات من متضررين، إلى جانب تسجيلات صوتية ووثائق مالية تشير إلى ممارسات مالية مشبوهة داخل الوزارة.
خطوة
حجار تحتاج إلى خطوات تنفيذية من مجلس النواب ليصبح الطلب متاحاً.
في هذا السياق، أشار الخبير الدّستوري الدكتور جهاد إسماعيل إلى أنه "عملاً بأحكام المادة ٩١ من النظام الداخلي لمجلس النواب، يقدّم طلب الإذن بالملاحقة وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان الارتكاب ومكانه، وخلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة، مما يعني أن الملاحقة تتم عبر وزير العدل حصراً ولو بناءً على مذكرة النائب العام التمييزي. عندئذ يقدم طلب رفع الحصانة، وفق المادة ٩٢، إلى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير في مهلة أقصاها أسبوعان، الأمر الذي يدعو إلى الاستنتاج أن وزير العدل حصراً هو من يطلب، ولو بناء على مذكرة النائب العام التمييزي، رفع الحصانة الموجّه إلى رئيس المجلس دون سواه!"
وأضاف: "إذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وله أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً، أو وضع يده على الطلب وبتّه مباشرةً، على أن يتخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبية وفق المادة ٩٦".
وأوضح أن "للهيئة المشتركة وللمجلس، عند درس طلب رفع الحصانة ومناقشته بموجب المادة ٩٨، تقدير جدية الملاحقة والتأكد من أن الطلب بعيد من الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب ممارسة عمله النيابي".
وهل
النيابة تمنع محاسبة الوزير على أفعاله المنسوبة إليه لدى ممارسة العمل الوزاري؟ أجاب اسماعيل بأنّ "حصانة النائب المطلقة، وفق المادة 39 من
الدستور، تتحدد في ميدان الأفكار الّتي يبديها، لكنها لا تشمل الجرائم الجزائية الّتي يرتكبها، باستثناء وجوب طلب إذن الهيئة العامة للمجلس فور اتخاذ إجراءات جزائية في حقّه إذا كان مجلس النواب في حالة انعقاد عادي أو استثنائي، ما خلا حالة التلبس بالجرم المشهود، ما يعني أن حصانة النائب، من خارج دائرة الآراء أو الأفكار الّتي يبدبها خلال نيابته، تسقط في حالتين: خروج المجلس النيابي عن فترة الانعقاد، والجرم المشهود".
ورداً على سؤال آخر، قال اسماعيل "إنّ المادة ٧٢ من الدستور تعتبر أن استقالة الوزير لا تكون سبباً لعدم إقامة الدعوى عليه، وهذا يعني أن المشرّع الدستوري يوازي بين أن يكون الوزير المتهم على رأس مهماته، وأن يكون مستقيلاً أو سابقاً، الأمر الّذي يطرح إشكالية انعقاد الاختصاص في ملاحقة الوزراء لجهة إمكان محاكمتهم أمام
القضاء العدلي أو أمام
المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بصفة حصرية. إلا أن المادة ٨٠ من الدستور حصرت أعمال المحاكمة للرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فيما أعمال الملاحقة والتحقيق، وإن كانت تُدرج ضمن المسائل الخلافية، فتُمارَس من القضاء العدلي فور خروجها عن مرحلة المحاكمة، وإدراجها، في آنٍ واحد، في إطار الملاحقة أو الإدعاء، لا سيما أن الصلاحية الشاملة للقضاء العدلي لا تسري على
القضايا الّتي وضع لها المشرّع نصاً خاصاً كالقضاء السياسي وسواه".