تترقّب الأوساط
اللبنانية الزيارة المرتقبة للموفد الأميركي توم برّاك إلى
بيروت الثلاثاء المقبل، حاملاً الرد الأميركي والإسرائيلي على الطرح اللبناني بشأن سبل خفض التصعيد في الجنوب. فالزيارة تأتي في ظل مناخ سياسي وأمني شديد الحساسية، يتشابك فيه الوضع الميداني على الحدود الجنوبية مع التوترات
السورية، لاسيما أحداث السويداء، وما تحمله من مخاطر ارتدادية على الداخل اللبناني.
بحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن أحد أبرز العوائق أمام بلورة موقف لبناني موحّد تجاه المقترحات الأميركية يتمثل في مسألة الضمانات المتبادلة. ففي حين تطالب
إسرائيل بضمانات دولية واضحة لنزع سلاح
حزب الله لا سيما الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة، يسعى
لبنان إلى ضمانات موازية لانسحاب إسرائيلي فعلي من الجنوب ووقف الخروقات الجوية والبرية
وتقول مصادر مطلعة إن التوقيت الدقيق لزيارة برّاك يشير إلى أن
واشنطن تُراهن على نافذة ضيقة لفرض تسوية قبل انزلاق الأمور إلى مواجهة شاملة، مستفيدة من التوترات الإقليمية والضغط على لبنان من بوابتي الاقتصاد والحدود، مشيرة إلى أن طرح "نزع سلاح حزب الله" بات أكثر علنية من أي وقت مضى، لكنه يصطدم بجدار سياسي وشعبي داخل لبنان، كما أن محاولة فرضه عبر الجيش تشكّل مجازفة كبيرة قد تفجّر الوضع
وكانت المعلومات أشارت إلى ان الدولة أبلغت بعض الجهات الدولية استعدادها للموافقة على تسليم بعض أنواع السلاح ضمن توزيع جغرافي محدد، مع تحضير الحكومة لعقد جلسة استثنائية ببند وحيد يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة. هذه القرارات يُفترض أن تصدر بإجماع
مجلس الوزراء.
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بحث ورئيس مجلس النواب في القصر
الجمهوري، تطورات الأحداث على الساحتين اللبنانية والسورية، والرد اللبناني حول الرد على المقترحات الأميركية وقبيل زيارة برّاك إلى لبنان.كما بحث رئيس الحكومة نواف سلام مع رئيس الجمهورية بشأن الرد
اللبناني على ورقة براك على ان يلتقي به وبالرئيس
بري في الساعات المقبلة .وأكّد سلام ان "الحكومة ستجتمع فور نضوج الأفكار بشأن خطة تنفيذ حصرية السلاح، مشدداً على أنّ "أفكار براك هي لتنفيذ ترتيبات وقف الأعمال العدائية وليس اتفاقاً جديداً".
في المقابل، جاءت مواقف "حزب الله" شديدة الوضوح على لسان
الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي أكّد أمس، أنّ
المقاومة التزمت بكل ما يترتّب عليها في اتفاق وقف إطلاق النار جنوب الليطاني، بينما تستمر إسرائيل في خروقاتها. واعتبر أن أي طرح أميركي جديد يتجاوز هذه الانتهاكات ويضع نزع سلاح "حزب الله" كشرط رئيسي، ما هو إلا "تبرئة لإسرائيل وتحريض مباشر على حرب أهلية".
وهاجم قاسم الموفد الأميركي توم برّاك صراحة، متّهمًا إياه بمحاولة الضغط على الجيش لنزع سلاح المقاومة بالقوة، وأوضح أن "لبنان أمام مخاطر حقيقية، وهي: إسرائيل من الجنوب، والأدوات الداعشية على الحدود الشرقية، والطغيان الأميركي الذي يتحكم بلبنان"، مشددًا على أنه "بعد إزالة الخطر والتهديد
الإسرائيلي نحن جاهزون لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، لكن اليوم لن نتخلى عن قوتنا، ونحن على جهوزية تامة للمواجهة الدفاعية".
كما شدد على أن "حزب الله وحركة أمل" يقفان في تحالف استراتيجي متين، رافضًا المراهنة على الخلافات الداخلية أو الشيعية – الشيعية، ومؤكداً أن "الاستسلام يعني نهاية لبنان"، بينما تشكل المقاومة، "ضمانة فعلية لمنع العدوان الإسرائيلي منذ 17 عامًا".
في السياق الأمني، شهد قصر
بعبدا اجتماعًا طارئًا ترأسه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بحضور وزيري الدفاع والداخلية وقادة
الأجهزة الأمنية، خُصص لبحث تداعيات أحداث السويداء واحتمالات تسلل الفوضى إلى الداخل اللبناني. وتناول الاجتماع الإجراءات المطلوبة لضبط الوضع الأمني، خصوصًا في المناطق الحدودية، إلى جانب أزمة الاكتظاظ في السجون، والتي فاقمها تزايد أعداد السجناء، بمن فيهم السوريون.
كما أصدرت قيادة الجيش بيانًا شديد اللهجة، حذّرت فيه من "خطورة المرحلة الراهنة وتداعياتها على السلم الأهلي"، مؤكدة أن الجيش "لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي"، في ظل ما وصفه البيان بـ"ظروف استثنائية"، تشمل استمرار الاعتداءات
الإسرائيلية، ومحاولات بعض الجهات استغلال الأزمة الداخلية لزرع الفوضى.
الى ذلك يعقد اجتماع يوم الثلاثاء المقبل يضم رئيس الحكومة نواف سلام ووزير المال ياسين جابر، وزير الاقتصاد عامر البساط، وحاكم
مصرف لبنان كريم سعيد بهدف الإسراع في إصدار قانون لمعالجة الفجوة المالية. ومن المتوقع، بحسب الوزير جابر ،عقد جلسة نيابية في 30 تموز الجاري لإصدار قانون هيكلة المصارف.