كتب طارق ابو زينب في" نداء الوطن": تقود
الولايات المتحدة والمملكة العربية
السعودية جهودًا دبلوماسية وأمنية مكثفة، تعكس حالة استنفار غير مسبوقة، ورغبة جدّية في احتواء الأزمة المتفاقمة. ومع استمرار عجز الطبقة السياسية
اللبنانية عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، تأتي الرسائل الدولية حازمة وواضحة: لا دعم من دون إصلاحات جذرية، ولا مكان بعد اليوم للمماطلة أو التسويف، مع تأكيد قاطع على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
وقد كشفت مصادر دبلوماسية أميركية رفيعة أن الولايات المتحدة وجهت رسائل واضحة إلى الدولة اللبنانية، مفادها بأن زمن التلكؤ قد انتهى، وأن
واشنطن تراقب عن كثب جلسة
مجلس الوزراء المرتقبة، والتي من المنتظر أن تبحث في تحديد مهلة زمنية لنزع سلاح جميع الميليشيات غير الشرعية، انطلاقًا من اعتبار الجيش اللبناني الجهة الشرعية الوحيدة المخوّلة بحمل السلاح.
وأفادت المصادر الدبلوماسية نفسها بأن الموفد الأميركي إلى
لبنان توم براك، أجرى اتصالًا بنظيره السعودي الأمير يزيد بن فرحان، عقب زيارته الأخيرة لبيروت، مؤكدة وجود توافق كامل بين واشنطن والرياض حول مقاربة مشتركة للأزمة اللبنانية.
كما نوّهت المصادر الأميركية بكلمة رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون، في العيد الثمانين للجيش، ووصفتها بأنها تعبّر عن
التزام واضح بثوابت الدولة. وشددت على أن تنفيذ المطالب الدولية لم يعد موضع نقاش، وفي طليعتها حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء جميع أشكال التسلح غير الشرعي، إضافة إلى ضرورة الانطلاق الجدي بالإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي طال انتظارها.
على الصعيد الأمني، شهدت الرياض اجتماعًا أمنيًا رفيع المستوى بين لبنان وسوريا، برعاية
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، وبمشاركة الأمير يزيد بن فرحان، وحضور مدير المخابرات اللبنانية العميد طوني قهوجي ونظيره السوري حسين السلامة.
تناول الاجتماع ملفات أمنية بالغة الحساسية، أبرزها ملف الحدود والتوترات في محافظة السويداء
السورية، وسبل الحدّ من تداعياتها المحتملة على الداخل اللبناني. وقد تقرر استمرار التنسيق الأمني اللبناني – السوري تحت إشراف
سعودي مباشر، في مؤشر واضح إلى ازدياد اهتمام المملكة بمنع تسرب الفوضى والتهريب عبر الحدود بين البلدين.
وبحسب مصادر لبنانية مطّلعة، يعكس هذا الانخراط السعودي حرصًا على عدم ترك الساحة اللبنانية رهينة للفراغ أو التجاذبات الإقليمية. فالمملكة، التي تعتبر استقرار لبنان جزءًا لا يتجزأ من استقرار المنطقة، تبدو عازمة على أداء دور متقدم، لا يقتصر على الضغط السياسي، بل يشمل مبادرات أمنية مباشرة تهدف إلى ضبط المشهد ومنع انفلاته .
يبدو أن لحظة الحسم قد اقتربت. فمع تصاعد الرسائل والتحذيرات العربية والدولية، لم يعد بمقدور الطبقة السياسية التذرّع بالظروف أو الاحتماء خلف شعارات جوفاء. إما انخراط جدي في مشروع الدولة والعودة إلى منطق المؤسسات، أو مواجهة عزلة خانقة وغير مسبوقة.
ومع تسارع الأحداث، قد لا يُمنح لبنان فرصة إضافية لتدارك الانهيار ، ما لم يبادر سريعًا إلى إنقاذ نفسه قبل فوات الأوان.