الهدف من هذه الخطوة هو تمكين المواطنين من تسديد مستحقاتهم المالية، مثل الضرائب ورسوم التسجيل، مباشرةً عبر البطاقات المصرفية.
وفق الآلية المقترحة، سيدفع المواطنون بالدولار الأميركي باستخدام بطاقاتهم، حيث تُحوَّل المبالغ مباشرة إلى
مصرف لبنان قبل أن تُصرف بالليرة اللبنانية، دون الحاجة إلى المرور بشركات الصيرفة. كما سيتم اعتماد نظام الدفع الإلكتروني عبر ماكينات الدفع في وزارة المالية، الدوائر العقارية، مراكز النافعة، وفي مختلف المحافظات اللبنانية.
فما هي أهمية نظام الدفع الالكتروني وما التحديات التي قد تواجه تنفيذه؟
الدفع الإلكتروني: تعزيز الشفافية وتسريع الإجراءات وحماية المواطنين
اعتبر المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر طبش في حديث لـ"
لبنان 24"، أن إدخال نظام الدفع الإلكتروني في
لبنان يمثل خطوة أساسية نحو تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في المعاملات المالية.
وأوضح أن هذه التقنية تقلل الاعتماد على النقد المباشر بين المواطنين وجابي الرسوم، مما يقلل فرص التلاعب والرشوة وإخفاء الإيرادات. ففي النظام التقليدي، كثيرًا ما يدفع المواطن أكثر من قيمة المعاملة الفعلية نتيجة الرشاوى، بينما يضمن الدفع الإلكتروني تسجيل كل المعاملات بشكل موثق وشفاف، ليُسدَّد المواطن فقط ما يوجب عليه فعليًا.
إضافة إلى ذلك، أكد طبش أن النظام الإلكتروني يساهم في تسريع الإجراءات بشكل كبير. فاليوم، يحتاج المواطن أحيانًا إلى الانتظار لساعات في الطوابير أمام وزارة المالية خصوصًا صناديق الدوائر العقارية التي تعمل فقط في أوقات محدودة. أما عبر النظام الإلكتروني، فيمكن دفع المبالغ المستحقة بسرعة ومن أي مكان، من دون انتظار أو الحاجة إلى وسطاء.
وبحسب طبش يسهم الدفع الإلكتروني ايضًا في توحيد الجباية المالية، إذ سيتمكن المواطن من تسديد كل المستحقات، من فواتير الكهرباء والماء والضرائب والمعاملات الهاتفية، عبر تطبيق واحد فقط. وهذا يسمح للدولة بجمع الإيرادات مباشرة، حيث تنتقل الأموال بشكل آني إلى الحسابات المعنية لدى مصرف لبنان، بدل الانتظار لعدة أيام لإتمام التحصيل بالطريقة التقليدية.
وشدد على أن هذا النظام يقلل الحاجة إلى شراء العملات الأجنبية وطباعة الليرة، ويوفر راحة وأمانًا للمواطن، مع إمكانية تنفيذ المعاملات في أي وقت من المنزل، وضمان أن كل عملية دفع آمنة وموثقة عبر إيصالات رقمية قابلة للرجوع إليها.
تحديات تطبيق الدفع الإلكتروني
في المقابل، أشار طبش إلى عدة تحديات تقنية ولوجستية قد تواجه تنفيذ هذا النظام.
أولًا، تحتاج مؤسسات القطاع العام إلى تجهيزات أساسية تشمل إنترنت سريع، أجهزة كمبيوتر وسيرفرات متطورة، بالإضافة إلى الخوادم والتقنيات اللازمة لضمان عمل النظام بكفاءة.
واشار إلى أن تكلفة هذه التجهيزات كبيرة، وقد تضطر الدولة للاعتماد على مساعدات أو هبات أو قروض لتغطيتها.
ثانيًا، يؤدي النظام الجديد إلى تقليص عدد الموظفين الذين يتابعون المعاملات اليدوية، وتمكين ايضًا الموظفين الحاليين من التكيف مع الأنظمة الرقمية وتعلم استخدامها.
ولضمان نجاح الانتقال، شدد طبش على ضرورة إطلاق حملات توعية لتثقيف المواطنين حول الدفع الإلكتروني وتمكينهم من استخدامه بسهولة وأمان.
من جهة أخرى، أوضح ان الأمن السيبراني يشكل تحديًا مهمًا، خاصة في ظل الوضع الأمني الحساس، وإمكانية اطلاع جهات خارجية كالعدو
الإسرائيلي على المعلومات في المؤسسات العامة. لذلك، نصح بإنشاء شبكة سيبرانية واسعة لحماية بيانات المواطنين، مع الالتزام بمعايير التشفير والبروتوكولات العالمية مثل CCL وPCIDSS، لضمان عدم اختراق البيانات أو سرقتها.
واوضح أن هذا النظام سيُنفذ بشكل تدريجي، بدءًا من المدن الكبرى، ثم الانتقال إلى المناطق الريفية والجبال، مع إنشاء مركزية لدى مصرف لبنان لمراقبة كل العمليات المالية، بما يشبه مراقبة التحويلات الداخلية والخارجية لضمان التدفق المالي والكشف عن أي تلاعب محتمل.
ونصح المواطنين بتفعيل خاصية التحقق بخطوتين (2FA) لحماية حساباتهم والتأكد من أن المستخدم الفعلي هو صاحب الحساب.
في الختام، لا يزال هذا الأمر حبرًا على ورق، وتبقى الوعود وعودًا حتى بدء التنفيذ. فهل يبصر نظام الدفع الإلكتروني النور في لبنان قريبًا؟