Advertisement

لبنان

بين مبادرة بري وخطة الجيش.. السيناريوهات المحتملة لجلسة الحكومة

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
02-09-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1411861-638924036509872811.webp
Doc-P-1411861-638924036509872811.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
تترقّب الأوساط السياسية في لبنان جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الجمعة المقبل، والتي وُضعت على جدول أعمالها خطة الجيش لحصرية السلاح بيد الدولة، وهي جلسة يصفها كثيرون بالمفصليّة، ولا سيما أنها تأتي في ظلّ انقسام سياسي حاد، واشتباك بين ضغوط دولية متزايدة وممانعة داخلية شرسة، فيما تتكثف الاتصالات في الكواليس بحثًا عن مخرج يُجنّب البلاد انفجارًا سياسيًا قد يُطيح بالحكومة أو يضعها في مواجهة مباشرة مع بيئتها الداخلية.
Advertisement
 
وبين خطة الجيش المنتظرة ومبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الطارئة، يبدو أن لبنان يسير نحو اختبار مفصلي لن يُحسم بسهولة، ولا سيما أنّ هذه المبادرة وفق المعطيات المتوافرة تقوم على الفصل بين أهداف الورقة الأميركية، أي حصرية السلاح بيد الدولة، وبين آلياتها التنفيذية ومهلها الزمنية، بمعنى أنّ بري يوفّر غطاء للحكومة يسمح لها بأن تقول إنها لم تتراجع عن قراراتها، لكنه في الوقت نفسه يجنّب "حزب الله" الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
 
وتنصّ المبادرة على أن يشارك كل الوزراء في جلسة الجمعة، وأن يعرض الجيش خطته بالتفصيل، مع مراحل زمنية واحتياجات لوجستية وتقنية ومالية. لكن الحكومة، بحسب الصيغة المقترحة، تكتفي "بأخذ العلم" من دون إصدار قرار تكليف أو تحديد مهل. هنا يصبح لبنان قد تبنّى الأهداف الكبرى، من دون أن يُلزم نفسه بالآليات التي قد تؤدي إلى تفجير داخلي. فهل يمكن فعلاً أن يكون هذا هو المَخرَج، وماذا عن السيناريوهات الأخرى المحتملة؟!
 
الجيش بين الجهوزية والتعطيل السياسي
 
يقول العارفون إنّ خطة الجيش التي أنجزت قبل أسابيع بناءً على تكليف حكومي، وُضعت لتُنفَّذ فعلًا. هي تتضمن مراحل زمنية تبدأ من جنوب الليطاني وصولًا إلى باقي الأراضي اللبنانية، وتفترض تعاونًا مع حزب الله لتأمين التطبيق السلس. لكنها تبقى، في نهاية المطاف، رهن القرار السياسي. فقيادة المؤسسة العسكرية تدرك أن أي تنفيذ لا يحظى بغطاء سياسي سيعرّضها لاتهام الانحياز أو لاحتكاك مباشر مع الحزب، وهو ما لا تريده بأي حال.
 
وبحسب المعلومات، فإنّ الجيش سيعرض الجمعة تفاصيل خطته وما يواجهه من معوّقات، بدءًا من نقص العتاد والعديد، وصولًا إلى استمرار وجود القوات الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصادم مباشر يتجاوز قدراته. كذلك لا نية لدى القيادة في الدخول في مواجهة مع حزب الله بالقوة. لذلك، من المرجح أن تبقى الخطة في إطار "الجهوزية مع وقف التنفيذ"، ريثما تُحسم المعضلات السياسية والإقليمية.
 
في المقابل، يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله" إن تنفيذ خطة الجيش يتطلب التزامًا ثلاثيًا من لبنان وسوريا وإسرائيل، وهو غير متوافر حتى الآن. لذلك، فإن أي محاولة للتطبيق بالقوة ستفشل أو تؤدي إلى انفجار داخلي. لكن المعضلة بالنسبة إلى الحزب مزدوجة: من جهة، لا يريد أن يظهر وكأنه يعطّل قرارات الحكومة، ومن جهة أخرى، لن يقبل بأي خطة تسحب سلاحه تحت عنوان "حصرية الدولة". ولذلك، هو يراهن على أن مبادرة بري ستؤمّن له مخرجًا يحفظ صورته ويؤجل الاستحقاق.
 
السيناريوهات المطروحة لجلسة الجمعة
 
عمومًا، ليس خافيًا على أحد أنّ الملف لم يعد داخليًا صرفًا، فالأميركيون والفرنسيون يواكبون التطورات عن قرب، وسط ترقّب عودة نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس إلى بيروت خلال أيام، وزيارة مرتقبة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان، في وقت تكشف الكواليس السياسية عن ضغوط دولية واضحة، قوامها أنه لا يمكن للبنان أن يعلن التزامه بمبدأ حصرية السلاح من دون خطة تنفيذية واضحة.
 
لكن المعضلة تبقى إسرائيلية الطابع أيضًا. فتل أبيب لم تقدّم أي التزام بالانسحاب من الأراضي المحتلة أو بوقف الاعتداءات، ما يجعل أي خطوة لبنانية ناقصة أو محكومة بالفشل، ولا سيما أنّ الأميركيين يبدون عاجزين حتى الآن عن تقديم أيّ ضمانات لوقف إطلاق النار. لذلك، يربط المسؤولون اللبنانيون أي تنفيذ فعلي بوقف الاعتداءات وانسحاب إسرائيل، وهو شرط قد يبدو للبعض تعجيزيًا في الوقت الحالي لكنه يُستخدم لتبرير التريّث.
 
أمام هذه الصورة، يمكن رسم أكثر من سيناريو لجلسة الجمعة، أولها أن يتمّ الأخذ بتسوية بري، إن صحّ التعبير، بحيث يتمّ عرض الخطة من جانب الجيش، وتأخذ الحكومة العلم بها من دون أي التزام تنفيذي، في مقابل سيناريو آخر يرجّح إصرار بعض الوزراء على تكليف الجيش بدء العمل بالخط، وهو ما قد يؤدي إلى انسحاب وزراء "الثنائي"، ويفتح على أزمة حكومية وسياسية عميقة. يبقى الخيار الوسطي الذي يتمثل في إرجاء البت بالخطة إلى جلسة لاحقة، ولكن أيضًا الذهاب إلى التصويت في حال تعذّر التوافق، مع ما يحمله ذلك من تداعيات على وحدة الحكومة.
 
هكذا، تبدو جلسة الجمعة مفترق طرق حقيقي في مكان ما، فهي ستحدد ما إذا كان لبنان قادرًا على إنتاج تسوية داخلية تُبقي السلاح بندًا للنقاش المرحلي، أم أن الانقسام سيفرض مواجهة سياسية وربما حكومية. يقول البعض إنّ مبادرة بري قد تنجح في إنقاذ اللحظة، لكنها لا تلغي جوهر الأزمة: أي كيفية التوفيق بين المطالب الدولية وحساسيات الداخل، وهو ما يضع لبنان مرة جديدة أمام استحقاق وجودي، فهل يتجاوزه؟!
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa