Advertisement

لبنان

متى يقتنع "حزب الله" بأن الدولة اللبنانية هي دولته

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
07-09-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1413729-638928334605088692.png
Doc-P-1413729-638928334605088692.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
يتضح بعد التمعّن بكل كلمة منتقاة وردت في البيان الذي تلاه وزير الاعلام عقب جلسة مجلس الوزراء أول من أمس أن ثمة بصمات أكيدة للرئيسين جوزاف عون ونبيه بري، اللذين كانت لهما مساهمات متقدمة أدّت إلى هذه الصيغة الوسطية للقرار الحكومي، فجاءت النتيجة مرضية لجميع الأطراف، وبالأخصّ لـ "الثنائي الشيعي" على رغم انسحاب وزرائهم من الجلسة.
Advertisement

فهذا الانسحاب في رأي بعض المطلعين على مجريات الأمور وما سبق الجلسة الحكومية من اتصالات بقيت طي الكتمان بين "بعبدا" و"عين التينة" هو انسحاب تكتيكي كانت الغاية منه حفظ ماء وجه "حزب الله"، الذي اكتفى بتحريك "الموتوسيكلات" في الأحياء الداخلية للضاحية الجنوبية لبيروت.

وعلى طريقة تلك العروس التي كانت تبكي في عرسها فطلب منها أهلها فض العرس إذا كانت منزعجة مما هي مقدمة عليه، فقالت لهم "ببكي وبروح"، عاد الوزراء الشيعة إلى قواعدهم الوزارية سالمين، وهم سيشاركون في الجلسة الحكومية المقرّرة بعد غد الثلاثاء لدرس بعض الأمور العادية المدرجة على جدول الأعمال.

فالرئيس عون بما لديه من خبرة عسكرية عميقة، وباعتباره القائد الأعلى للقوى المسلحة، كان له الدور الأكبر في عملية تدوير الزوايا المسنّنة فأتى القرار الحكومي منسجمًا مع روحية جلسة الخامس من آب ومن دون التنازل عن الأساسيات في قرار حصرية السلاح بيد القوى الشرعية دون غيرها من قوى الأمر الواقع، ولكن في الوقت ذاته لاقت الصيغة النهائية لبيان الجلسة استحسانًا مقبولًا من "الثنائي الشيعي". وهذا ما ترجمه الرئيس بري كأول تعليق له على القرار الحكومي بقوله "إن الرياح السامة بدأت تنجلي".

فبين كلمة "ترحيب" وكلمة "إقرار" نتيجة واحدة، وهي إعطاء الجيش ما للجيش، وإعطاء السياسيين ما للسياسيين. وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن جلسة الخامس من أيلول كانت شبيهة بأهدافها بجلسة الخامس من آب. وهذه الصيغة الملطفة للقرار جاءت نتيجة اتصالات كثيفة وهادئة، وكشفت مدى حكمة القائمين بها، خصوصًا أن البلد لا يحتمل المزيد من الخضّات السياسية والأمنية والاقتصادية. لكن هذا لا يعني أن الحملات السياسية على الحكومة لن تتوقف بين ليلة وضحاها. إلاّ أن الوقت، برأي أوساط سياسية مقرّبة من مركزية القرار في القصر الجمهوري، كفيل بتهدئة الخواطر، خصوصًا عندما يتبيّن للقاصي والداني أن الجيش هو الحامي الوحيد لجميع اللبنانيين من أي اعتداء خارجي أو داخلي، وأن لا مناص للجميع في أن يسلّموا أمرهم إلى المؤسسة العسكرية، التي تبقى الملاذ الآمن الوحيد لهم جميعًا من دون استثناء، خصوصًا أن ما تضمّنته خطة حصر السلاح من بعد نظر وشمولية في الإحاطة تؤكد أن لا أحد من اللبنانيين أكثر حرصًا على السلم الأهلي من هذه المؤسسة.

فجلسة الخامس من أيلول أكدت المؤكد من جديد، واثبتت ان الدينامية التي انطلقت مع انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية لن تتوقف، بل أكثر من ذلك أن لا أحد، مهما علا شأنه، يمكنه أن يوقف هذه الدينامية. وقد أثبتت هذه الجلسة أن ما كُتب قد كُتب، وأن لا عودة إلى الوراء، وأن على اللبنانيين من دون أي استثناءات أن يتكيّفوا مع مناخات التغيير في المنطقة، ولو بعد حين، خصوصًا أن قرار حصر السلاح قد اتخذ ولا عودة عنه، على أن تبقى تفاصيل التنفيذ على الأرض وفق الجدولة الزمنية المحدّدة بالخطة بعهدة الجيش الملزم تقديم تقرير شهري إلى مجلس الوزراء عن المهمات المنفّذة.

المهم في جلسة 5 أيلول أن القرار قد اتخذ، وإن ترحيبًا. ولكن يبقى ما هو أكثر أهمية، وهو كيفية تعاطي "حزب الله" مع هذا القرار، وكيف سيقتنع في نهاية المطاف بأن المعادلات الإقليمية والدولية هي أكبر من القدرات المحلية الفردية. فعملية الاقناع ضرورية، ولو بعد حين، أو بعد أن تهدأ الخواطر، ويتعب راكبو "الموتوسيكلات" من "التشفيط" و"التفحيط" في الأحياء الداخلية للضاحية. وهذه المهمة الصعبة والسهلة في آن متروك أمرها إلى "الأخ الأكبر"، الذي أعلن رفضه المطلق للنزول إلى الشارع، الذي لن يفضي سوى إلى المزيد من التوترات غير المجدية، وأن على قيادة "حزب الله" أن تقتنع بأن الحل الوحيد المتاح والممكن هو بأن تكون الدولة بمؤسساتها هي الحامية للجميع، وأن يكون الجميع على قدم المساواة تحت سقف الدستور والقانون. وعملية الاقناع هذه هي من مسؤولية الرئيس بري بالتعاون مع الرئيس عون، الذي يثبت يومًا بعد يوم، وبالممارسة العملية، بأنه رجل المرحلة، ورجل المهمات الصعبة، ورجل الحوار والحلول العقلانية المستندة إلى الكثير من الحكمة والحسم والحزم في آن.
 
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas