وجّه
نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة من مدينة مشهد في الجمهورية الإسلامية
الإيرانية، خلال زيارته لها عقب مشاركته في أعمال المؤتمر التاسع والثلاثين للوحدة الإسلامية الذي اختتم مؤخرًا في طهران.
وفي مستهل رسالته، قدّم الخطيب التهنئة للمسلمين بمناسبة مرور 1500 عام على ولادة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، معتبرًا أن هذا الحدث لم يكن عظيمًا فقط على مستوى مكة أو الجزيرة العربية، بل كان حدثًا كونيًا ترك أثره على الإنسانية جمعاء.
وأشار إلى أن ولادة النبي كانت مرصودة من قبل أهل الديانات السماوية، إذ كان اليهود والنصارى والمجوس يترقبون ظهوره في مكة وفق علامات سبقت ميلاده، مستشهدًا بما ورد في القرآن الكريم عن تبشير النبي عيسى (عليه السلام) بقدوم نبي اسمه أحمد. كما استحضر قصة سلمان الفارسي الذي ترك بلاده بحثًا عن هذا النبي الموعود حتى وصل إلى يثرب.
وأوضح الخطيب أن ظهور النبي أحدث تحوّلًا فكريًا وثقافيًا واجتماعيًا وسياسيًا، حيث نقل البشرية من ظلمات الجهل والعبودية والأساطير إلى نور الإيمان والعلم والمعرفة، مؤكدًا أنه كان بالفعل "الرحمة المهداة للعالمين".
وتوقف الخطيب عند حال العرب قبل الإسلام، مستشهدًا بما قاله جعفر بن أبي طالب لملك الحبشة عن حياة العرب في الجاهلية: عبادة الأصنام، أكل الميتة، الفواحش، وغياب القيم الإنسانية. ورأى أن الإسلام قلب هذه الموازين وأسّس لمجتمع قائم على العدل، المساواة، كرامة الإنسان، حرية العقل، ومقاومة الظلم.
وانتقل إلى الواقع الراهن، فاعتبر أن بعض المجتمعات الإسلامية تأثرت بالقيم المادية الغربية وفقدت بعضًا من أصالتها، متهمةً بالضعف والاستسلام أمام العدو، بدل الاعتماد على الصبر والإيمان. وانتقد الخطيب من وصفهم بأنهم "يثبطون العزائم ويعتبرون البلد سلعة للبيع"، معتبرًا أن النظام الطائفي في
لبنان هو أحد أسباب ضعف الدولة واستسلامها للأزمات.
ودافع الخطيب عن المقاومة في لبنان، مؤكدًا أنها حرّرت الأرض وحمت الكيان، وأن الحملات ضدها لا تخدم إلا العدو
الإسرائيلي. وأشار إلى أن ما تعرّضت له
إيران من خديعة أميركية، وما شهدته قطر من محاولة اغتيال غادرة لوفد فلسطيني على أراضيها، يكشف حقيقة العدو ومخططاته.
وختم بالتحذير من أن العدو يعلن بوضوح سعيه لضم لبنان إلى مشروع "
إسرائيل الكبرى"، داعيًا الحكومة
اللبنانية إلى وضع استراتيجية أمن وطني جامعة عبر حوار وطني شامل يحمي لبنان، ويعيد اللحمة الداخلية، ويمنع الانقسامات التي يستفيد منها العدو وحده.