Advertisement

لبنان

بين لبنان وغزة.. ما الذي يُطوّق "حزب الله"؟

محمد الجنون Mohammad El Jannoun

|
Lebanon 24
14-09-2025 | 04:00
A-
A+

Doc-P-1416663-638934462517008269.jpg
Doc-P-1416663-638934462517008269.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في أيلول الجاري، تحلّ الذكرى السنوية الأولى لعدوان إسرائيل على لبنان أواخر العام 2024. قبل ذلك، وتحديداً قبل يوم 23 أيلول العام الماضي، كان "حزب الله" يمارس إسناد غزة عسكرياً انطلاقاً من لبنان، لكنهُ بعدما وسعت إسرائيل عدوانها، فكّ "إرتباط الإسناد" بغزّة، وهو ما كان تحدّث عنه الحزب بشكلٍ واضح وصريح.
Advertisement


منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني، أوقف "حزب الله" عملياتهُ العسكرية، فلا إطلاق صواريخ، لا مناوشات، بينما استهدافات واعتداءات إسرائيل شبهُ يومية على لبنان، والاغتيالات مستمرة.


هذه المشهدية قائمة في ظل استمرار حرب غزة، حيث تستعدّ إسرائيل لتكثيف هجماتها هناك ضد حركة "حماس". ورغم ضراوة المعركة واشتدادها، ما زالت "حماس" تُقاتل، فالعمليات النوعية مستمرة، فيما مقاتلو كتائب "عز الدين القسام" – الجناح العسكري لـ"حماس"، يواصلون الصمود داخل غزة، بينما ورقة الرهائن الإسرائيليين قوية بيدهم، ولم تستطع إسرائيل بكافة عملياتها، إسقاط تلك الورقة.


ما يحصُل في غزة ليس مُرتبطاً بعجزٍ إسرائيليّ عن حسم المعركة فحسب، بل يتصلُ أيضاً بأمرٍ أبعد من ذلك وهو "الحاضنة الشعبية" لـ"حماس" في القطاع. العنصر هذا يعتبرُ حاسماً في مسار الحرب، ويشكل جزءاً لا يتجزأ من حرب العصابات التي تخوضها الحركة ضد الجيش الإسرائيلي. من دون حاضنة شعبية، لا يُمكن لـ"حماس" الاستمرار في القتال، وبالتالي كادت أن تنتهي الحرب منذ وقتٍ طويل.


مرات عديدة، تسعى آلة الحرب الإعلامية الإسرائيلية لتصوير تحولات في منطق سكان غزة ضد فكرة "مقاومة إسرائيل"، لكن هذا الأمر ليس حقيقياً من الناحية الفعلية. على مدى السنوات الطويلة، ووسط الحروب العديدة التي شنتها إسرائيل ضد غزة، لم يتراجع تأييد "حماس" ولا الإنتساب إليها. كانت كتائب "عز الدين القسام" مُعزّزة بانخراط كبير للشباب في صفوفها، بينما تشكلت الألوية العسكرية من آلاف المجندين طيلة السنوات الماضية، ما يُفسر أن "حماس" أخذت طريقها نحو التصاعد العددي وليس التراجع.
إلى جانب كل ذلك، فإنَّ ما يميز غزة هو أن بيئتها الإجتماعية والطائفية هي واحدة، فلا تنوع طائفياً هناك، ولا جهات بارزة تعارض حُكم "حماس" التي تعي كلّ شاردة وواردة داخل القطاع، وجعلته مكاناً تتحرك فيه بحرية فوق الأرض وتحتها عبر أنفاق طويلة وشبكة معقدة جداً. ما الذي ساعدها على ذلك؟ الناس حقاً، أي البيئة الحاضنة التي تمثل ركناً أساسياً لصمود أي فصيل مُقاتل، وهذا الأمر ليس جديداً بل هو من البديهيات.


وعليه، فإن استمرار قتال غزة يرتبطُ ببيئة كبيرة حاضنة تسعى إلى دعم "حماس" داخل غزة لتحقيق الهدف المنشود بالنسبة للحركة، وهو هزيمة إسرائيل، رغم كل الدمار والخراب. قد تكون هناك اعتراضات، لكن الكلام عن إنهاء "حكم حماس" في غزة والبحث عن بديل آخر، يؤكد أنه لا مُنافس لها هناك، وبالتالي فإن مسألة الصمود ارتبطت بهذه النقطة وهي "بيت القصيد".


ولكن.. ماذا عن لبنان و"حزب الله"؟ بالمقارنة مع غزة، صحيح أنّه لدى الحزب بيئة حاضنة في لبنان.. البيئة هذه واسعة وحاضرة لمساندة الحزب جماهيرياً وأيضاً بالقتال، لكن في المقابل هناك بيئات أخرى وطوائف غير الطائفة الشيعية، تُعارض الحزب وتتمسك بمبدأ تسليم سلاحه. أيضاً، صحيحٌ أن "حزب الله" يتواجد في جنوب لبنان، لكنه في الوقت نفسه لديه طوائف أخرى لا تؤيد سياساته أو خطواته.


ماذا يعني ذلك؟ الإستنتاج الأساسيّ هو أنَّ قدرة تحرك "حزب الله" معقدة للغاية، فخوضه لأي حرب جديدة سيكونُ مقيداً بعدم وجود بيئات أخرى يمكن أن تخدمَ خطواته. لهذا السبب، فإن أي خطوة قد يُقدم عليها من الناحية العسكرية، ستؤدي إلى ممانعة في الداخل ضده. السيناريو هذا مطروحٌ تماماً ولا يُمكن استبعاده، بينما التنوع الطائفي في لبنان لا يلبي ما يريده الحزب.


إذاً، في حال لبنان، فإن مصير البلاد كله معلّق بخطوة واحدة قد تؤدي إلى حرب. من هذا المنطلق، فإن الحديث عن "إستراتيجية أمن" لا يمكن فصلها عن عبارة "وطني". إن لبنان غير قابل للتجزئة والذهاب نحو استراتيجية شاملة لكل المناطق اللبنانية لا يعني الجنوب فحسب، بل كل لبنان. ولهذا، فإن الكلام عن حصرية قرار الحرب والسلم بيد الدولة ينبعُ من فكرة أن لبنان موحد وغير مقسم، وبالتالي لا يمكن لـ"حزب الله" فتح جبهة من تلقاء نفسه، لأنه لا يعيش في دولة بمفرده، وفق ما يقول مصدر يمثل جهة كانت على تنسيق مع "الحزب".


الكلامُ هذا قد لا يروق للكثيرين، لكنهُ عين التوصيف الواقعي. لهذا السبب، فإن خطوة "حزب الله" باستكمال الحرب قبل عام ما كانت لتنفعه لأنَّ البيئات الأخرى لن تؤيد ذلك. أما في غزة، فالوضع مُختلف، فهناك بيئة واحدة شاملة، تمثل ركناً أساسياً لـ"حماس"، ولا بديل عنها الآن. بينما في لبنان، هناك أركان مختلفة في الحكم، وفي البيئة الشيعية هناك "حركة أمل"، وإن كانت الأخيرة تؤيد الحزب بشكلٍ شامل، لكنها في الوقت نفسه لن تجنح نحو تأييد التضحية بمؤيديها بسهولة.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

محمد الجنون Mohammad El Jannoun

صحافي وكاتب ومُحرّر