كتبت امل شموني في" نداء الوطن": بينما كان الجانب الأميركي يترقب تقرير قيادة الجيش بشأن تقدمها في عملية نزع سلاح "
حزب الله" جنوب الليطاني في الخامس من تشرين الثاني، ألقت تظاهرة "حزب الله" التي تحدّت قرارًا حكوميًا بظلالها على المشهد الأميركي. وفيما تركز نائبة الموفد الأميركي مورغان أورتاغوس على النشاط الأمني في جنوب الليطاني سعيًا لإنهاء مهمة نزع السلاح غير الشرعي في هذه المنطقة لتتمكن إدارة ترامب من ممارسة ضغوط على
إسرائيل للمبادرة في الانسحاب جزئيًا من النقاط التي تمّ احتلالها على أثر حرب الإسناد التي شنها "حزب الله"، يأتي "تلكؤ" الأجهزة الأمنية في إنفاذ القرارات الحكومية ليعيد ترتيب الأوراق الأميركية. ففي قراءة سريعة لتظاهرة صخرة الروشة، اعتبرت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع أن الأسبوع المقبل سيشهد مناقشات رفيعة المستوى وبالغة الأهمية لتقييم ما حدث. وهذه التقييمات ستأخذ بالاعتبار كيفية معالجة
لبنان الرسمي لهذا الخرق الأمني. وستطرح تساؤلات لاستكشاف الاستراتيجيات السياسية والأمنية وعما إذا كانت منسقة أم العكس. ويشدد المصدر على أن الخارجية الأميركية ستبعث برسالة واضحة مفادها أن الدعم المالي للجيش على المحك. فالتحديات الملحة التي تعرف
واشنطن أن الأمنيين يواجهونها تعتبرها من صلب عملهم وهم أمس الأول لم يقوموا به. وهذه تشير إلى وضع عالي المخاطر يزعزع الثقة بالمؤسسات الأمنية الرسمية
اللبنانية..
ويقارن البعض حال الجيش بين تظاهرة صخرة الروشة وبين أحداث الطيونة - عين الرمانة، ويلفتون إلى أن ما حصل الخميس خطوة غير موفقة لقائد الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى. لكن أيضًا تلفت بعض المصادر إلى إمكانية أن يكون قرار عدم تنفيذ القرار يعكس تصدعًا بين ما وصفته بتراجع وهج الرئيس جوزاف عون في مقابل تصاعد نجم رئيس الوزراء نواف سلام الذي بات ينظر إليه في واشنطن على أنه من خامة رجال الدولة.
وفي ظل هذا النسيج الجيوسياسي المعقد للبنان، تقول مصادر عسكرية أن التركيز على نزع سلاح "حزب الله" هو قضية ملحة، وهو بمثابة العمود الفقري لسياسة إدارة ترامب تجاه لبنان. فواشنطن تسعى إلى مساعدة
بيروت لمواجهة التحديات التي يشكلها "حزب الله". وهي اعتمدت موقفًا حازمًا يجمع بين الاستراتيجيات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية. يمثل هذا النهج متعدد الجوانب ما يراه الكثيرون فرصةً حاسمةً، وربما أخيرة، للبنان لضمان سيادته واستقراره. أوضحت إدارة ترامب لا سيما خلال لقاء الرئيس عون مع
وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو أن نزع سلاح "حزب الله" أولوية قصوى، ليس فقط لأمن إسرائيل، بل أيضًا للاستقرار الجيوسياسي الأوسع في المنطقة. وربط روبيو المساعدات الأميركية بالتزام لبنان بتفكيك القدرات العسكرية لـ "حزب الله". ولفتت المصادر إلى أن عون شرح لروبيو التحديات التي يواجهها لبنان. ومع الجانب الأميركي بدا أنه متفهم لهذه التحديات، غير أن المصادر أكدت أن التوقعات من لبنان لم تتغير وهي واضحة: يجب على لبنان مواجهة الجماعة المسلحة ونزع سلاحها للحفاظ على الدعم الأميركي. وأكدت هذه المصادر أن هذا هو إنذار نهائي بشأن المساعدات العسكرية والاقتصادية، مما سيخلق سيناريو عالي المخاطر للحكومة اللبنانية.
وتلفت المصادر إلى أنه صحيح أن عون وحكومته عالقان بين تشدد "الثنائي الشيعي" والسعي إلى السيادة، وهو موقف صعب لا يحسدان عليه، لكن نزع سلاح "حزب الله" ضروري للاستقرار السياسي في لبنان خصوصًا وأن الرئيس اللبناني شدّد خلال كلامه مع الجالية اللبنانية على أهمية الانتخابات التي تترافق مع حسن اختيار ممثلي الشعب سعيًا للتغيير الحقيقي. وهذا الموقف يُسلّط الضوء على التوازن الهشّ في لبنان. غير أن المصادر غير قلقة وتعتبر أن التلويح بحرب أهلية أو بانقسام الجيش ما هو إلا ذر للرماد في العيون. فالحرب الأهلية غير مكتملة المواصفات لا سيما أن "حزب الله" هو في أضعف حالاته. أما بالنسبة إلى انقسام الجيش، قد يحصل أو لا يحصل، لكنه تفصيل عرضي لم يؤثر على المؤسسة في الماضي، فكيف سيؤثر عليها في
المستقبل في ظل الأهداف الواضحة المعلنة للرئيس عون ورئيس الوزراء سلام اللذين يسعيان لبسط سلطة
الدولة على كامل الأراضي اللبنانية..