تتجه الأنظار اليوم إلى مجلس النواب حيث يخيّم الجدل على قانون الانتخاب بعد أن تحوّلت الجلسة التشريعية يوم أمس إلى ساحة خلاف سياسي، أدى الى انسحاب كتل نيابية عدّة، أبرزها الكتائب والقوات
اللبنانية ونواب التغيير وكتلة الاعتدال إلى جانب عدد من المستقلين، اعتراضاً على رفض رئيس المجلس
نبيه بري إدراج بند تعديل القانون على جدول الأعمال.
جوهر الخلاف يتمحور حول تصويت المغتربين: هذه الكتل تطالب بمنحهم الحق في انتخاب كامل أعضاء المجلس النيابي، رافضةً حصر مشاركتهم بستة نواب يمثلون الاغتراب. في المقابل، يتمسّك
الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر بخيار حصر مقاعد المغتربين بـ6، خشية خسارة نفوذهم في صناديق الاغتراب، حيث يواجه
حزب الله وحلفاؤه تضييقاً سياسياً وقانونياً في العديد من الدول.
في ظل الانسداد، يلوح أكثر من سيناريو، للانتخابات النيابية، المزمع عقدها في ايار المقبل، ولعل أولها أن تتجنّب الحكومة إصدار المراسيم التطبيقية، ما يؤدي عملياً إلى اقتصار مشاركة المغتربين على من يتمكن من السفر إلى
لبنان، وثانيها تأجيل الاستحقاق برمّته، نتيجة العجز عن التوافق على قانون جديد، وهو خيار قد يخدم أطرافاً مختلفة. فمن هم المستفيدون من خيار التأجيل؟
قد يكون خيار التأجيل واحداً من أكثر الخيارات المريحة لجميع الافرقاء في مجلس النواب، الا ان احداً لن يتمكن من البوح بهذا القرار او الاقدام على تقديم مشروع قانون الى المجلس النيابي.
وبنظرة سريعة على تأثير هذا الأمر على نواب التغيير فهم يؤيدون التأجيل لتفادي خسارة مقاعدهم في مسعى منهم لتحسين وضعهم السياسي في الوقت الاضافي، في حين ان
التيار الوطني الحر سيسعى من خلال التمديد الى تثبيت موقعه، والثنائي الشيعي الى ضمان احتفاظه بالمقاعد الـ27 للطائفة الشيعية، ومعه ضمان بقاء الرئيس
نبيه بري على رأس المجلس النيابي.
وعلى المقلب الآخر، وعلى الرغم من اصرار
القوات اللبنانية على إجراء الانتخابات في موعدها، الا انها لا تعتبر أن التأجيل لعام واحد يضرّ بمصالحها، بل ترى فيه فرصة إضافية لتهيئة نفسها للاستحقاق الرئاسي المقبل، خصوصاً وان المجلس النيابي الذي سيصدر عن الانتخابات سيكون هو الناخب للرئيس المقبل.
وعلى الرغم من قبول جميع الاطراف ضمناً بموضوع التأجيل، الا ان هذا الخيار يبقى الاصعب ما لم يطرأ حدث كبير، سواء كان أمنيا أو سياسيا يطيح بهذا الاستحقاق، والى حينها يبقى خيار الانتخابات في لبنان الاقرب الى الواقع.