فجر اليوم، تمّ الإعلان عن اتفاقٍ أنهى الحرب بين حركة
حماس وإسـرائيل، بوساطة مباشرة من الرئيس الأميركي
دونالد ترامب. هذا الاتفاق، الذي شكّل مفاجأة في توقيته وسرعته، فتح الباب أمام جملة من الملاحظات السياسية والعسكرية التي يمكن التوقف عندها، أبرزها ملاحظتان أساسيتان تعكسان ملامح المرحلة المقبلة في المنطقة.
الملاحظة الأولى ترتبط بإصرار
الأميركيين على إنهاء الحرب بهذه السرعة. فواشنطن لم تكن لتدفع بهذا الاتجاه لو لم يكن هناك ما هو أكبر يُحضَّر على المستوى الإقليمي. هذا الإصرار يوحي بوجود سيناريو جديد على الطاولة، أحد أبرز احتمالاته توجيه ضربة عسكرية كبرى. الاحتمال الأول، وفق بعض التحليلات، هو توجيه ضربة للبنان، إلا أنّ هذا الخيار يبدو ضعيف الجدوى من الناحية العسكرية والسياسية، لأن أيّ عملية ضد
لبنان لن تغيّر من موازين القوى ولن تمنح إسـرائيل مكاسب حقيقية، خصوصًا بعد ما حصل سابقا.
الاحتمال الثاني، والأكثر ترجيحًا، هو توجيه ضربة عسكرية لإيران. فإضعاف
طهران سيُضعف بالضرورة كامل المحور الذي تمتد تأثيراته من
الخليج إلى المتوسط. هذه القراءة تجعل الأسابيع المقبلة مفصلية: فإما تتجه المنطقة نحو تصعيدٍ عسكري واسع يستهدف
إيران، وإما تُفتح صفحة جديدة من “سلام المرحلة”، حيث تُعاد صياغة الأولويات السياسية والاقتصادية في العالم، وتُترك المنطقة لتدخل مرحلة هدوء مؤقت تمهّد لمعادلات جديدة.
أما الملاحظة الثانية، فهي متعلقة بنتائج الاتفاق نفسه وما يعنيه ميدانيًا. فعلى الرغم من الكلفة الإنسانية الباهظة في
قطاع غزة، والخسائر الهائلة في البنى التحتية، إلا أنّ الاتفاق حمل في طيّاته مكاسب سياسية واضحة لحركة حماس. إذ نصّ على انسحاب الجيش الإســرائيلي من القطاع، وفتح المجال لإدخال المساعدات، إضافةً إلى إنجاز صفقة تبادل الأسرى التي طال انتظارها. هذه البنود تعني أنّ إســرائيل، رغم كل ما قامت به من تدمير وتقدّم تكتيكي، لم تنجح في تحقيق هدفها الأساسي: كسر "حماس"نهائيا أو فرض واقعٍ جديد على الأرض.فقد انتهت الحرب بعودة حركة حماس إلى واجهة السيطرة الميدانية والسياسية داخل القطاع، ربما بأشكال مختلفة وأكثر تنظيماً.
وهكذا، يتضح أنّ الحرب التي أرادت منها إسـرائيل إنهاء نفوذ حماس، انتهت بإعادة تثبيته. ومن هنا، يمكن القول إنّ اتفاق فجر اليوم ليس ختامًا لحربٍ فحسب، بل بداية لمسارٍ جديد، سيكون مليئًا بالمفاجآت والتحوّلات.