كتب رضوان عقيل في" النهار": بعد التسليم بعدم تمكن المغتربين من الاقتراع للنواب الـ128 في الخارج، لأن القانون الحالي ينص على 6 مقاعد مخصصة لهم في الدائرة الـ16، تبدلت حسابات أكثر من كتلة في التعامل مع الاستحقاق المقبل بناءً على المقاعد التي سيحصلها كل فريق، بعيدًا من التغني بدور الدياسبورا
اللبنانية.
لم يخرج نائب يدعو إلى تأجيل الانتخابات والتمديد للمجلس إلا همسًا، خشية أن يُتهم بأنه يعمل للبقاء أكثر في رحاب ساحة النجمة. وكان النائب غسان سكاف، سبقه زميله نديم الجميل، أول من طالب بإرجاء موعد الانتخابات أسابيع عدّة بدل إجرائها في أيار المقبل، ليتمكن المغتربون من المجيء إلى البلد في عطلة الصيف، على أن يُجرى الاستحقاق في تموز أو آب المقبلين.
بعد موقف سكاف هذا، سارع أكثر من نائب، من كتل متعددة، إلى تشجيعه على الطرح الذي أطلقه من عين التينة بعد زيارته الرئيس
نبيه بري. ويقول سكاف لـ"النهار" إن "أكثرية الأحزاب من مشارب سياسية ومناطقية عدّة لا تعارض تأجيل الانتخابات، وهذا ما سمعته منها، وخصوصًا بعد عاصفة الخلاف على التعامل مع المغتربين وكيفية اقتراعهم. وإذا كان التوجّه إلى حصر كل عملية الانتخاب بالنواب الـ128 في دوائر قيد الناخبين والتخلي عن انتخاب الـ6 فقد يؤيد الجميع هذه التسوية".
ويؤكد أنه لم يتلقَّ اعتراضًا من أي نائب إذا كان التأجيل لأسابيع، وهو لا يريد بالطبع اقتباس دور النائب السابق نقولا فتوش الذي كان مفتاح التمديد في البرلمان سابقًا، ولا تزال هذه الواقعة تلازم الرجل المشهود له في حقل التشريع، وكأن النواب الذين ساروا معه بخيار التمديد آنذاك كانوا يعترضون على الاستمرار لـ"حياة أطول" في البرلمان.
وإذا حُسم تصويت كل الناخبين من مقيمين ومنتشرين في البلد، فسيتقدم سكاف باقتراح قانون في هذا الخصوص قبل نهاية الأسبوع الجاري. ويمكن الحكومة أن تتبنى هذا الطرح وترسله إلى البرلمان، على أن يُمدد للدورة الحالية إلى آخر أيلول 2026، وتجري الحكومة الانتخابات قبل هذا التاريخ.
وإذا تحقق التأجيل فإن الذين سيحضرون من الخارج سيكونون من مختلف الجهات السياسية، وسيرتفع عددهم في العطلة الصيفية إذا حُسم التأجيل، فيكونون أكثر عددًا من الذين سيحضرون في أيار.
ويؤكد سكاف أن "المصلحة الوطنية تقتضي بالعمل على الإتيان بأكبر عدد من المغتربين لأن من حق هؤلاء المشاركة في اختيار ممثليهم في البرلمان على غرار المقيمين، وهم لم يقصروا في دعم أسرهم وبلدهم".
ولئن كانت الأحزاب الكبرى على الضفتين لا تخشى خوض الانتخابات للحفاظ على مقاعدها، فثمّة مصلحة متبادلة فيما بينها تدفع إلى التأجيل، لأن كل فريق سيعمل على انتظار الظرف السياسي وحشر خصمه في يوم الانتخاب. ولا يخفى هنا، بحسب ما لمس سكاف في اتصالاته، أن مجموعة من النواب المستقلين التغييريين لا تعارض التمديد للمجلس.
في غضون ذلك، يُلاحظ أن جهات نيابية تتعارض في خياراتها السياسية لكنها تلتقي في مواجهاتها الانتخابية المقبلة على "تشليح التغييريين" مقاعدهم، لكنهم لن يستسلموا أمام الحملات التي يتعرضون لها.
اختصارًا، فإن نوابًا كُثر مع التأجيل ولو تمنّعوا عن الإعلان.
وكتب اسكندر خشاشو في" النهار" ايضا:
أرسلت
وزارة الخارجية والمغتربين في الثالث عشر من تشرين الأول مشروع قانونٍ معجل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، طالبة إدراجه في جدول أعمال أول جلسة للحكومة، لإلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب، واللتين تنصان على تخصيص ستة مقاعد للمغتربين، واستبدالهما بآلية تتيح للبنانيين المقيمين في الخارج الاقتراع لجميع النواب الـ128 وفق دوائر قيدهم الأصلية في
لبنان.
بحسب الوزارة، المشروع الذي حمل توقيع
وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، جاء استجابةً لمطالب تلقتها الوزارة من الجاليات اللبنانية المنتشرة في عدد كبير من الدول، بينها برلين، واستوكهولم، وأوتاوا، ومونتريال، وواشنطن، ومدريد، وملبورن، تدعو إلى "إنصاف المغتربين" ومنحهم حق المشاركة الكاملة في العملية الانتخابية الوطنية، بدلًا من حصر تمثيلهم بستة مقاعد رمزية.
لكن هذه الخطوة التي بدت تقنية في ظاهرها، سرعان ما اتخذت بُعدًا سياسيًا واسعًا، إذ أثارت نقاشًا داخل الحكومة والأوساط النيابية حول توقيتها وخلفياتها. فرئيس الحكومة نواف سلام، بحسب ما تسرّب عن أوساطه، لم يتبلغ تنسيقًا مسبقًا من وزير الخارجية في شأن المشروع، ولم يبدِ بعد موقفًا نهائيًا حيال إدراجه في جدول الأعمال أو دعمه في
مجلس الوزراء.
مصادر حكومية أوضحت أن "رجي تصرّف ضمن صلاحيّاته، لكن أي تعديل جوهري في قانون الانتخاب لا يمكن أن يُمرّر من دون توافق سياسي شامل، لأن المسألة تمس توازنات دقيقة في الداخل والخارج".
سياسيًا، يحظى مشروع وزارة الخارجية بتأييد واضح من "
القوات اللبنانية" والكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي، وسبق أن أعلنوا تأييدهم له، ويُتوقع أن يؤيده الوزراء المحسوبون على رئيس الحكومة، وهذا ما سيضع المحسوبين على رئيس الجمهورية في موقع محرج يجعلهم يسيرون به، على أن يعارضه فقط الوزراء المحسوبون على الثنائي الشيعي. إلا أن الإشكالية الحالية تبقى في إدراجه في جدول الأعمال، وهو ما لم يحصل حتى الساعة.
وبحسب أوساط وزارية، فإن رجي أعاد إلى الحكومة كرة النار التي سبق أن دُفعت بها إلى مجلس النواب، وهو يعلم حساسية الملف الذي سيثير إشكالية داخل مجلس الوزراء وسط الكم الهائل من الضغوط التي يتعرض لها.
وعن وضع المشروع في جدول الأعمال، تكتفي المصادر بالقول: "سيكون ضمن إطار التشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وبعدها يُبنى على الشيء مقتضاه".
وحتى لو تبنت الحكومة المشروع، لن يكون دربه معبدًا بالورود في مجلس النواب، إذ إن رئيس المجلس المعارض للفكرة سيفتتح
الدورة العادية للمجلس اليوم الثلاثاء بمهمة محددة هي فقط التجديد لهيئة المجلس ورؤساء اللجان، وبعدها سيُقفل المحضر ويتجنب الدعوة إلى جلسة تشريعية إلى حين وصول الموازنة العامة إلى المجلس، والتي يفرض الدستور درسها وإقرارها قبل أي شيء آخر، وهي على الأقل بحاجة إلى 3 أشهر لتجتاز هذا المسار، وبالتالي تكون المهل قد سقطت، وخصوصًا في ما يتعلق بتسجيل المغتربين، وطي صفحة اقتراعهم في الخارج نهائيًا.
وبين التأييد والتحفّظ، يبقى مصير مشروع وزير الخارجية معلّقًا بقرار مجلس الوزراء، الذي لم يُدرجه حتى الآن في جدول أعماله. فإقراره يحتاج إلى توافق سياسي غير متوافر بعد، في ظل حسابات انتخابية متشابكة، ومعركة مبكرة حول قانون الانتخاب، يبدو أن شرارتها انطلقت من وزارة الخارجية.