Advertisement

لبنان

انفتاح حذر من الرياض… ولبنان أمام امتحان الاستقرار

جاد الحاج - Jad El Hajj

|
Lebanon 24
16-11-2025 | 04:00
A-
A+
Doc-P-1442763-638988812038549864.png
Doc-P-1442763-638988812038549864.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
تتقدّم المملكة العربية السعودية في مقاربتها للملف اللبناني بخطوات محسوبة تعكس رغبة حقيقية في إعادة تموضع مدروس في المشهد الداخلي . فالزيارة المرتقبة للوفد السعودي، رغم تقديمها بغطاء اقتصادي مرتبط بالصادرات، تحمل بعداً سياسياً واضحاً، إذ تسعى الرياض إلى تقييم قدرة الدولة على إظهار حدٍّ أدنى من الجدية في ملفات الأمن والحدود والرقابة، تمهيداً لمرحلة قد تشهد مستويات أوسع من الانخراط.
Advertisement

وفي هذا السياق، يبرز التفاؤل الذي عبّر عنه السفير وليد البخاري كعنصر مكمّل للمقاربة الجديدة، إذ يأتي في لحظة يختبر فيها الجانب السعودي إمكان استعادة الثقة المفقودة بلبنان. فالمملكة تربط أي انفتاح فعلي بقدرة الدولة اللبنانية على إنتاج بيئة آمنة للتعاون، ما يجعل الإشارات الإيجابية تعبيراً عن انتظار خطوات ملموسة تعيد ضبط الحدود وتوفّر شروطاً عملية للاستقرار، وهو الأساس الذي تُبنى عليه أي مرحلة لاحقة من الدعم أو الاستثمار.

ويطرح هذا المسار سؤالاً حول المعنى الفعلي للانفتاح السعودي، وما إذا كان يعكس استعداداً لالتقاط التحوّلات الداخلية والتعامل معها بجرعة حذرة من الإيجابية. وبحسب مصادر مطّلعة، لا تُبدي الرياض أي قفزة سياسية غير محسوبة، بل تعتمد مقاربة تقوم على جمع الإشارات ومراقبة السلوك الفعلي للدولة، لذلك تأتي خطواتها محصورة بالملفات التي تُقاس بنتائج مباشرة، في محاولة لاختبار قدرة لبنان على إدارة حدٍّ أدنى من النظام قبل البحث في ملفات أوسع. وبهذا المعنى، تبدو الزيارة المقبلة اختباراً للوقائع لا استجابة للخطابات، ومحاولة لتحديد ما إذا كان المشهد يسمح بمرحلة مختلفة أم أنّ الظروف ما زالت دون مستوى بناء ثقة جديدة.

وفي الجانب اللبناني، يُنظر إلى الحركة السعودية بوصفها فرصة لإعادة انتظام العلاقة مع العالم العربي، لكن على أساس جديد في هذه المرّة. فالتوجّه السعودي الحالي لا يحمل وعوداً كبرى، بل يفتح هامش اختبار دقيق حول ما إذا كانت المؤسسات قادرة على توفير بيئة مستقرة تسمح بعودة الثقة تدريجياً. ومن هنا يجري التعامل مع إعادة الصادرات كخطوة أولى قابلة للقياس، فيما يصبح رفع حظر السفر المؤشّر الفعلي على تغيّر المقاربة. أما سياسياً، فتُقرأ الإشارات السعودية كعودة إلى دورها التقليدي في حماية الاستقرار الإقليمي، من دون أن يعني ذلك الدخول في تسويات أو اصطفافات داخلية. وبهذا المعنى، تبدو الفرصة أمام لبنان مرتبطة بقدرته على التقاط هذا المزاج العربي وتوظيفه بعيداً عن منطق المناكفات، في اتجاه مقاربة أكثر واقعية تتيح للرياض العودة من موقع الداعم لا من موقع المراقب.

وتؤكّد مصادر مطّلعة أنّ هذا المسار لا يحمل أي التباسات، فالسعودية لا تقدّم خطوات مجانية ولا تفتح أبواباً سياسية واسعة قبل أن تتحقّق من قدرة الدولة اللبنانية على معالجة أصل المشكلة. وبحسب المعلومات المتقاطعة، يأتي الوفد السعودي إلى بيروت ضمن إطار ضيّق ومحدّد لا يتجاوز ملفي الأمن والصادرات، ولتقييم الإجراءات المتخذة لوقف التهريب وتنظيم الحدود. وتشير المصادر نفسها إلى أنّ الوفد لن يناقش أي ملفات أخرى، خلافاً لما يراهن عليه البعض، فلا حديث عن سياحة ولا عن مشاريع دعم أو إعادة إعمار قبل أن تُحسم الشروط الأساسية لاستعادة الثقة.

ومن هنا تبدو الزيارة امتحاناً عملياً لمدى قدرة الدولة على تقديم وقائع لا وعود، فإذا نجحت في ذلك تفتح المملكة الباب تدريجياً أمام عودة سياسية واقتصادية أوسع، أمّا إذا بقيت الأمور على حالها، فسيظلّ الانفتاح محكوماً بإطاره التقني ولا يتحوّل إلى مسار مستدام.
 
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد الحاج - Jad El Hajj