أثارت الكارثة التي حلت بقرية كاملة في منطقة جبل مرة بإقليم دارفور بالسودان، وأسفرت عن مقتل المئات، ردود فعل واسعة على المستويين المحلي والدولي، وسط جدل حول الشرعية السياسية في البلاد وتعدد السلطات الحاكمة.
وفي الوقت الذي سيطرت فيه حكومة يقودها الجيش على الولايات الشمالية والوسطى والشرقية، كانت المنطقة المنكوبة تحت سلطة مدنية شكلتها حركة عبد الواحد نور، بينما تسيطر حكومة تحالف تأسيس على أجزاء واسعة من إقليم دارفور وكردفان. وقد تباينت المواقف المحلية للحكومات الثلاث تجاه الكارثة.
وتوجه عبد الواحد نور مباشرة إلى
المجتمع الدولي، طالبًا الدعم والمساعدة في انتشال الضحايا من تحت الطين والأنقاض، مشيراً إلى محدودية الموارد المتاحة أمام فرق الإغاثة المحلية. وقال: "تحاول فرقنا الإنسانية والسكان المحليون انتشال الجثث، لكن حجم الكارثة يفوق بكثير الموارد المتاحة لنا".
أما حكومة تحالف تأسيس فأعلنت عن تواصلها مع نور لتقييم حجم الكارثة، ووصفت المنطقة بأنها منطقة كوارث، بينما اكتفت حكومة بورتسودان بإعلان استعدادها لتسخير الإمكانيات الممكنة لمساعدة المتضررين دون تفاصيل محددة.
على المستوى الدولي، لم يذكر بيان الاتحاد الإفريقي أي حكومة من الحكومات الثلاث، واكتفى بتقديم التعازي للشعب السوداني، داعيًا إلى توحيد الجهود وإسكات البنادق لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة. وبالمثل، لم تتطرق
الأمم المتحدة إلى أي طرف حاكم محدد، مؤكدة عزمها تقديم الدعم للسكان المتضررين، فيما أعرب البابا ليون الرابع عشر عن حزنه العميق وأشاد بجهود السلطات المدنية وفرق الطوارئ.
ويشير خبراء إلى أن هذا التحاشي الدولي يعكس مأزق الشرعية في
السودان منذ انقلاب تشرين الأول 2021، حيث لا تعترف المنظمات الدولية والاتحاد الإفريقي بالسلطات المختلفة إلا بصفتها أمر واقع، مع تجنب وصف أي حكومة بأنها شرعية. ويرى السفير الصادق المقلي أن الاتحاد الإفريقي لا يعترف بسلطة عبد الواحد الإدارية في جبل مرة، ولا بحكومة تأسيس في نيالا، كما يعتبر الحكومة في بورتسودان فاقدة للشرعية الدستورية، ما يعكس أزمة تمثيل مستمرة.
ويضيف الصحفي عبدالرحمن الأمين أن بيانات الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة نجحت في التحايل على مأزق الشرعية عبر توجيه التعازي مباشرة للشعب السوداني وأسر الضحايا، بدل توجيهها لأي حكومة، بما يعكس الواقع السياسي المعقد في السودان وتأثيره المباشر على الاستجابة الإنسانية للكارثة.