ذكرت صحيفة "The Washington Post" الأميركية أن "
إيران لا تزال تتصرف كنظام خارج عن القانون. وطردت أستراليا سفير طهران الأسبوع الماضي بناء على معلومات استخباراتية تفيد بأن حكومتها كانت العقل المدبر لهجوم على كنيس يهودي في ملبورن وشركة أغذية كوشير في سيدني. ويحظى رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحماية أمنية معززة بسبب ما وصفه بالتهديد "من اتجاه" إيران. واقتحم الحوثيون المدعومون من إيران، الأحد، مكاتب برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف في العاصمة اليمنية".
وبحسب الصحيفة، "بعد شهرين ونصف الشهر من شن
الولايات المتحدة غارات جوية على المنشآت النووية
الإيرانية، والتي أعقبتها توسط الرئيس
دونالد ترامب في وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب التي استمرت 12 يوما بين
إسرائيل وإيران، عاد القادة في طهران إلى ممارسة ألعابهم القديمة من التحدي والتهديد والخداع لإخفاء المعلومات حول ما تبقى من برنامجهم. ويثير تعنت إيران احتمال الحاجة إلى استدعاء القوات العسكرية الأميركية مرة أخرى. ومنذ الضربات التي شُنت في شهر حزيران الماضي على المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، أوقف النظام في معظمه التعاون مع المفتشين النوويين الدوليين. ورفضت طهران أيضًا تقديم تفسير لمخزونها المفقود من اليورانيوم العالي التخصيب، والذي يصل إلى درجة قريبة من درجة صنع الأسلحة، والذي كانت تمتلكه قبل الهجمات. وفي يوم الأربعاء الماضي، زار المفتشون مفاعل بوشهر، الذي لا يزال يعمل، ولكن لم يُسمح لهم برؤية ما تبقى من المنشآت التي ضربتها قاذفات B-2 كجزء من عملية مطرقة منتصف الليل".
وتابعت الصحيفة، "التفسير الأكثر تفاؤلاً هو أن إيران تمنع المفتشين لأنها تخشى التأكيد المستقل على أن برنامجها النووي المكلف الذي استمر لمدة ثلاثين عاماً قد تم تدميره. إلا أن الأمل
الإيراني لم يكن أبداً استراتيجية فعالة لمكافحة انتشار الأسلحة النووية. ويعود هذا المأزق جزئيًا إلى عدم وجود تقييم موثوق تمامًا لفعالية الضربات الجوية. ومن الأسئلة العالقة: ما هو حجم البرنامج النووي الإيراني الذي دُمر مقابل ما لحق به من أضرار جسيمة، وما إذا كانت قدرات إيران قد تراجعت لسنوات أم لأشهر فقط. ومن المحبط أن هذه الأسئلة أصبحت مرتبطة بالسياسة الحزبية بعد أن أصر
ترامب على أن البرنامج النووي الإيراني "تم
القضاء عليه تماما". فقد أُقيل رئيس وكالة استخبارات الدفاع، جيفري كروس، في آب بعد أن قيّم طاقمه أن الضربات أعاقت البرنامج النووي الإيراني لأشهر فقط، وقد كان لهذا تأثيرٌ مُخيف على أجهزة الاستخبارات".
وأضافت الصحيفة، "لكن تبقى التساؤلات قائمة. كانت هناك أدلة كافية على أن إيران نقلت اليورانيوم من أصفهان قبل الضربة، لكن ترامب غرّد على
مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: "لم يُنقل أي شيء من المنشأة. سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً، وسيكون خطيرًا للغاية، وثقيلًا جدًا، ويصعب نقله!". كان يشير على ما يبدو إلى فوردو، لكن يُعتقد أن أصفهان هي المكان الذي يُخزّن فيه اليورانيوم. والطريقة الوحيدة لمعرفة ما تبقى على وجه اليقين هي عودة المفتشين بالكامل وتوضيح الحكومة الإيرانية لما تبقى لديها، إن وجد. ولمنع المزيد من الصراع، يتعين على إيران أيضاً إعادة الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن أي برنامج نووي مستقبلي للاستخدام المدني فقط. وتقول الولايات المتحدة إنها مستعدة للحوار، لكن إيران أصرت، كشرط مسبق، على
التزام ترامب بعدم شنّ أي هجمات أخرى، وهذا من شأنه أن يُضعف نفوذها بشكل كبير".
وبحسب الصحيفة، "من المؤكد أن إيران تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الدولي لعام 2015. وانسحب ترامب من هذا الاتفاق في ولايته الأولى، لكن الاتفاق ظل ساري المفعول بالنسبة للدول الموقعة الأخرى. يوم الخميس، فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مهلة 30 يومًا لإعادة فرض
العقوبات، وستدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ ما لم يستأنف النظام تعاونه الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويلتزم بمحادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، ويُعلن عن مصير اليورانيوم المفقود. من جانبها، حذرت طهران من "رد قاس" إذا تم فرض العقوبات عليها، وهددت بالذهاب إلى حد الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي".
وتابعت الصحيفة، "قد يكون لتجديد العقوبات تأثير محدود نسبيًا، نظرًا للوضع الاقتصادي المتردي أصلًا في إيران. ويُتداول الريال الإيراني بأكثر من مليون ريال مقابل الدولار الأميركي الواحد. وتُعتبر التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا محدودة للغاية مع إيران، وتُعتبر الصين الشريك التجاري الأهم للبلاد، حيث تشتري حوالي 90% من النفط الإيراني. ومن غير المرجح أن تلتزم بكين بأي عقوبات جديدة، والتي من شأنها أيضا فرض قيود على صادرات إيران من الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، ولكن هذه الصواريخ تباع في الغالب إلى
روسيا، والتي سوف تتجاهل بالمثل أي عقوبات جديدة".
وختمت الصحيفة، "إذا استخلصت طهران درسًا من أحداث حزيران، فهو أن الولايات المتحدة لا تخشى استخدام القوة العسكرية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. لقد قاوم ترامب ضغوط الفصيل الانعزالي الصريح في قاعدته، ويمكنه أن يفعل ذلك مجددًا إذا رأى ذلك ضروريًا لحماية أمن البلاد".