اعتبر الباحث ديفيد ساور، وهو ضابط كبير متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، أن استضافة الرئيس الصيني شي جين بينغ، كلاً من
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري
الشمالي كيم جونغ أون في
العرض العسكري الضخم في بكين، يشكّل مشهداً لافتاً يسلط الضوء على تنامي محور استراتيجي يجمع بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
وقال ساور في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، إن هذا المشهد يذكّر الاستراتيجيين
الأميركيين بأن خصوم
الولايات المتحدة يتكاتفون بقوة في الخارج، فيما لا تزال
واشنطن تعتمد بشكل خطير على الصين في سلاسل التوريد الحيوية داخل أراضيها. وأوضح أن الصين، وقد ازدادت جرأة بفعل استعراض الوحدة الجيوسياسية مع موسكو وبيونغ يانغ، تمثل اليوم "التهديد الأكبر للأمن القومي الأميركي"، داعياً واشنطن إلى تحقيق استقلال استراتيجي سريع عن بكين في مجالات التقنيات والسلع الأساسية.
وشدد ساور على ضرورة ضمان وصول آمن وغير مقيد إلى المعدات والمواد المهمة، لا سيما في مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية وأشباه الموصلات والمعادن النادرة والأدوية. وأكد أن الولايات المتحدة "يجب ألا تعتمد مطلقاً على الحزب الشيوعي الصيني".
وأشار التقرير إلى أن الصين سعت للهيمنة على قطاع الاتصالات من خلال شركة "هواوي"، التي اتُّهمت بالسعي إلى اختراق البنى التحتية العالمية عبر معداتها منخفضة التكلفة والمدعومة حكومياً. وذكّر بأن إدارة الرئيس
دونالد ترامب فرضت حظراً على معدات "هواوي" داخل الولايات المتحدة، محذّرة من وجود "أبواب خلفية" قد تسمح بسرقة البيانات.
وفي سياق موازٍ، تناول ساور سيطرة الصين شبه الكاملة على سوق معادن الأرض النادرة ومعالجتها، حيث تنتج نحو 90% من المغناطيسات المستخدمة في التقنيات المتقدمة والصناعات الكبرى. وأوضح أن بكين سبق أن استخدمت هذه الورقة كسلاح جيوسياسي، كما حدث عام 2010 عندما فرضت حظراً على الصادرات إلى اليابان.
ورأى الباحث أن إدارة
ترامب أدركت باكراً خطورة هذا الخلل الاستراتيجي، وسعت إلى تعزيز شراكات مع شركات أميركية مثل "إم بي ماتريالز" لتطوير سلسلة توريد محلية. وخلص ساور إلى أن التحركات الأميركية الأخيرة، مثل اندماج "هيوليت باكارد إنتربرايز" مع "جونيبر نتووركس"، خطوة مهمة لبناء بدائل قادرة على منافسة "هواوي" وتعزيز النفوذ الأميركي في الأسواق العالمية.