كتب موقع "
سكاي نيوز عربية": دخلت الحرب
الإسرائيلية على غزة مرحلة أكثر خطورة بعد توجيه رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنذارا صريحا لسكان المدينة بضرورة مغادرتها "فورًا".
وقد فسّر مراقبون هذا التحرك على أنه إشارة مباشرة إلى نية الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية واسعة قد تشمل اقتحام المدينة نفسها.
هذا التطور جاء في ظل تصعيد أمني متزامن في الضفة الغربية، خاصة بعد عملية إطلاق النار في حي راموت بالقدس، ما خلق مشهدا متفجرا على امتداد الجبهات
الفلسطينية.
لم يقتصر المشهد على غزة، فقد جاءت عملية راموت لتصب الزيت على النار. فقد أسفرت العملية عن 6 قتلى و15 جريحًا إسرائيليًا، ما دفع الجيش لمحاصرة بلدات حول رام الله وإغلاق مداخل القدس.
فنتنياهو استغل الهجوم لتبرير التصعيد على أكثر من جبهة، مؤكدًا أن "الجيش سيستمر في هدم الأبراج في غزة"، وموجهًا ظهره لأي مقترحات عربية أو أميركية لوقف العمليات.
صعود خطاب اليمين الإسرائيلي
منح منصة للتيار اليميني المتشدد لتعزيز خطابهم المتطرف.
• دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المستوطنين لحمل السلاح.
• ذهب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أبعدمن ذلك، مطالبا بتدمير القرى التي خرج منها منفذو العملية، مؤكدًا أن "السلطة الفلسطينية يجب أن تختفي من الخريطة".
هذا الخطاب يعكس توجهًا متصاعدا لربط أمن المستوطنين بالقضاء على السلطة الفلسطينية نفسها، وليس على حركة حماس فقط.
مأزق إنساني متفاقم
تشير الخرائط العسكرية الإسرائيلية إلى تحديد "منطقة إنسانية" في 5% فقط من مساحة غزة، ما يجعل إخلاء أكثر من مليوني فلسطيني أمرا شبه مستحيل.
أضافة الى أن العديد من السكان "قرروا البقاء" لغياب البدائل والخدمات، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية حال مضت
إسرائيل في اقتحام المدينة.
حماس بين الضغوط والصفقات الغامضة
الجانب السياسي لا يقل تعقيدًا، فوفق النصوص المتاحة بين
واشنطن وحماس لا توجد "صفقة مكتملة"، بل مجرد "أفكار" تختلف الأطراف على تفسيرها.
أبدت حماس ترددا واضحا، لا ترفض كليا ولا توافق، مع حرصها على تجنب تكرار تجارب سابقة مثل "صفقة عيدان ألكسندر"، خشية فقدان أوراقها الاستراتيجية.
باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحماس، اعتبر أن العروض الحالية تفتقر إلى الضمانات، خصوصًا فيما يتعلق بملف السلاح، الذي تحاول واشنطن وتل أبيب إدراجه في أي تسوية شاملة.
السلطة الفلسطينية.. المستهدف الحقيقي؟
جمال نزال، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، قدم رؤية مختلفة خلال حديثه لسكاي نيوز عربية، مؤكدًا أن إسرائيل "تخوض حربًا فعلية للتخلص من السلطة الفلسطينية".
وأشار نزال إلى أن مصادرة إسرائيل لـ70% من أموال الضرائب وشلّ القطاعات الحكومية ليس صدفة، بل جزء من استراتيجية لإنهاء السلطة سياسيًا واقتصاديًا.
وأضاف أن بقاء السلطة الفلسطينية لا يرتبط بالقوة العسكرية، بل بمكانتها القانونية والسياسية كممثل شرعي للفلسطينيين.
الماضي كدليل على الحاضر
استحضر نزال تجارب الانتفاضة الثانية حين حاصرت إسرائيل مقر الرئيس ياسر عرفات ودمرت مقرات السلطة، لكنها لم تنجح في إنهائها.
وقال: "إسرائيل قد تنتصر عسكريا لكنها عاجزة عن محو السلطة سياسيًا"، مشبهًا المواجهة بين السلطة وإسرائيل بمباراة ملاكمة مع مايك تايسون: "
الفلسطينيون يرفضون أن يخوضوا معركتهم في ملعب إسرائيل المفضل".
الرهان الفلسطيني.. الشرعية العربية والدولية
أكد نزال أن
الفلسطينيين يراهنون على الموقف العربي والدولي، مستشهدًا بالمواقف الصريحة لمصر والأردن والإمارات في رفض التهجير أو الضم.
وأضاف: "هذه المواقف ترفع معنويات الفلسطينيين وتمنح قضيتهم بعدًا استراتيجيًا"، مشددًا على أن إسرائيل رغم اتفاقات التطبيع، ما زالت تصطدم بجدار المواقف العربية في
القضايا الجوهرية.
نسيبة: إنهاء الحرب في قطاع غزة أمر لا يحتمل مزيدا من التأخير
دولة الإمارات: ضم أراض في الضفة الغربية "خط أحمر"
معركة مفتوحة على كل الجبهات
إنذار نتنياهو لسكان غزة يمثل لحظة مفصلية قد تفتح الباب أمام مواجهة غير مسبوقة. الرسالة الإسرائيلية مزدوجة: الضغط على حماس لتسليم أوراقها، وفي الوقت ذاته محاولة لتصفية السلطة الفلسطينية ككيان سياسي.
لكن كما يشير جمال نزال: "إسرائيل منذ 77 عامًا تبحث عن حل عسكري وفشلت"، ما يطرح تساؤلات جدية حول قدرة أي عملية عسكرية مهما بلغت قوتها على تغيير الحقائق السياسية والقانونية الراسخة.
وبين تصعيد اليمين الإسرائيلي، ومأزق حماس في التفاوض، وضغوط واشنطن غير المتوازنة، يبقى المشهد الفلسطيني أمام اختبار وجودي: هل يتحول إنذار نتنياهو إلى حرب شاملة على غزة تُعيد رسم الخريطة، أم يفشل كما فشلت محاولات سابقة في كسر إرادة الفلسطينيين؟.