ذكرت صحيفة "The Telegraph"
البريطانية أن "بحثاً جديداً أجراه مختبر الأبحاث الإنسانية في كلية الصحة العامة في جامعة ييل كشف عن النطاق المروع لانتهاكات
روسيا ضد الأطفال الأوكرانيين. ففي حين قدرت السلطات
الأوكرانية عدد الأطفال الذين اختطفتهم القوات الروسية بـ 19 ألف طفل، يُقدر بحث مختبر الأبحاث الإنسانية هذا الرقم بـ 35 ألف طفل. ويتعرض العديد من هؤلاء الأطفال لإعادة التأهيل بهدف تجريدهم من هويتهم الأوكرانية، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو العمل القسري في مصانع الطائرات من دون طيار الروسية".
وبحسب الصحيفة، "شنّ الكرملين حملةً دعائيةً مكثفةً لتقويض صدقية هذه التقارير المروعة. وفي حزيران، اتهم سفير
وزارة الخارجية الروسية للمهام الخاصة، روديون ميروشنيك،
أوكرانيا بالمبالغة في عدد حالات الاختطاف "بهدف اتهام روسيا بارتكاب شبه إبادة جماعية لأطفال القرم"، واستخدم قائمة كييف المختصرة التي تضم 300 طفل مفقود لإثبات وجهة نظره. كما زعم المسؤولون
الروس مرارا وتكرارا أن قواتهم العسكرية تقوم بنقل الأطفال الأوكرانيين مؤقتا من مناطق الخطوط الأمامية إلى روسيا لحمايتهم. في حين أن نفي روسيا القاطع قد يُضعف تماسك رد فعل
المجتمع الدولي، إلا أنه يتناقض تناقضًا صارخًا مع الحقائق على الأرض".
وتابعت الصحيفة، "علاوة على ذلك، يُؤكد سلوك روسيا أن حربها العدوانية في أوكرانيا لا تقتصر على السيطرة على الأراضي فحسب. إنما تهدف هذه الحملة إلى طمس هوية أوكرانيا كدولة ذات سيادة ودمجها في فلك الحضارة الروسية. وتتضمن هذه الحملة غسل أدمغة الأطفال الأوكرانيين ليصبحوا وطنيين روسًا، وتحويل الشباب الروسي إلى إمبرياليين جدد. عندما تحتل روسيا المدن في جنوب وشرق أوكرانيا، فإن نظامها التعليمي القومي المتطرف يصبح هو السائد. وكشف تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش في حزيران 2024 أن المدارس الروسية تحد من تعليم اللغة الأوكرانية وتصف المجهود الحربي الروسي بأنه حملة صليبية عادلة ضد نظام "النازي الجديد" في أوكرانيا".
وأضافت الصحيفة، "الخدمة العسكرية جزء لا يتجزأ من التعليم القومي المتطرف في روسيا. ففي لوغانسك، يبدأ ضباط التجنيد الإجباري الروس في البحث عن فتيان في السادسة عشرة من عمرهم للتجنيد.وبمجرد بلوغهم السابعة عشرة، يُلزمون بالتسجيل للخدمة العسكرية، وبمجرد بلوغهم الثامنة عشرة، يصبحون مؤهلين لعقود عسكرية. وتتزايد جهود التجنيد هذه بين طلاب الجامعات، وتُعرض رواتب قدرها 2150 دولارًا أميركيًا شهريًا لإغراء الطلاب. وفي الواقع، أثبت هذا النهج فعاليته بشكل كارثي. فقد ساعد التجنيد الإجباري في أوكرانيا المحتلة روسيا على تجنب الاضطرابات التي أعقبت إعلان التعبئة الجزئية في أيلول 2022، ووفر للجيش الروسي ذخيرة مدفعية لهجماته على دونباس".
وبحسب الصحيفة، "إن مشاركة الأطفال الأوكرانيين في تصنيع الأسلحة يوفر لروسيا مجندين محتملين جدد لحملات انتقامية مستقبلية، كما يتماشى هذا مع جهود روسيا الأوسع لإقناع جيلها الشاب بعقلانية الفكر الإمبريالي الجديد. فبينما تستهلك الأجيال الأكبر سنًا من الروس دعاية الحرب الروسية بحماس، فإن جيل الألفية من الروس أكثر تشككًا. في استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا في نيسان 2025، أبدى 35% فقط من الروس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا "موافقتهم القاطعة" على العمليات العسكرية الروسية، وتابعوا حرب أوكرانيا عن كثب، بينما رأى 10% فقط أن العمليات العسكرية الروسية يجب أن تستمر على حساب مفاوضات السلام المحتملة. ومن خلال انتشار الأغاني الوطنية والترويج للحكايات الوحشية عن الانتهاكات الأوكرانية ضد الروس العرقيين في دونباس، يحاول الكرملين تحويل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاما إلى جيل جديد من القوميين المتطرفين".
وتابعت الصحيفة، "يأمل المسؤولون الروس أن تُقنع هذه الجهود الشباب بقبول آفاقهم الاقتصادية المتدهورة، وأن تُوقف التدهور الديموغرافي في بلادهم. بتصوير أوكرانيا وشركائها الغربيين كأعداء أبديين، تُهيئ روسيا الجيل القادم لحروب توسعية مستقبلية في
أوروبا الشرقية. وتعتمد صيغة السلام التي طرحها الرئيس
ترامب على افتراض أن التنازلات الإقليمية ستؤدي إلى سلام دائم، وهذا يتجاهل الأسس الأيديولوجية للإمبريالية الروسية الجديدة: فقد تُشعل حروبًا أشد تدميرًا في السنوات المقبلة".