واصلت سلطات الاحتلال
الإسرائيلي حملتها التصعيدية في الضفة الغربية، فلم تكتفِ بعمليات الدهم والاعتقالات الواسعة، بل شرعت في مصادرة مساحات واسعة من الأراضي
الفلسطينية لصالح مشاريع استيطانية جديدة، في خطوة تعكس إصرار الحكومة
الإسرائيلية على فرض سيادتها الكاملة على الضفة الغربية.
وجاءت هذه الإجراءات رغم تصاعد الأصوات الدولية، لا سيما من دول أوروبية وغربية، تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في وقت قريب.
فقد فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي على سكان بلدات بيت إكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة شمال غرب القدس المحتلة، الحصول على تصاريح خاصة لدخول قراهم، في محاولة لإخضاع هذه المناطق بشكل كامل لسيطرته وتحويل أهلها إلى مجرد "مقيمين" بلا حقوق على أرضهم التاريخية.
وقال
الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي في حديث لبرنامج "ما وراء الخبر" إن ما يجري في الضفة الغربية هو نظام بطش متكامل، حيث قطع الاحتلال أوصال الضفة إلى كنتونات معزولة، ومنع التواصل بين أجزائها عبر ألف حاجز عسكري، كما حوّل أكثر من 200 بوابة حديدية إلى أدوات لخنق حياة
الفلسطينيين وتحويل قراهم إلى سجون صغيرة.
وأشار البرغوثي إلى أن جدار الفصل العنصري ابتلع وحده 16% من مساحة الضفة الغربية، فيما صادرت
إسرائيل 16% أخرى لصالح الاستيطان والمشاريع التهويدية، مؤكداً أن ما يجري ليس سوى خطوات متسارعة نحو الضم النهائي.
وفي السياق ذاته، أوضح الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن مخطط السيطرة الكاملة على الضفة كان مطروحاً قبل أحداث 7 تشرين الأول 2023، مشيراً إلى أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عرض قبل أيام قليلة من ذلك التاريخ تصوراً يقضي بمنح الفلسطينيين ثلاثة خيارات لا رابع لها: الخضوع للفوقية اليهودية، أو القتل، أو التهجير.
وبحسب جبارين، فإن الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو تستغل حربها المستمرة على غزة لتسريع هذه الخطط وتنفيذها على الأرض.
هذه السياسات، كما يوضح محللون، أثارت استياءً دولياً واسعاً، خاصة من الدول الأوروبية التي انتقدت بشدة استمرار بناء المستوطنات، وعبّرت عن نيتها المضي قدماً نحو الاعتراف بدولة فلسطين، رغم الضغوط والاعتراضات الإسرائيلية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد شدد على أن الضفة الغربية خط أحمر، محذراً من أن سياسة الضم ومصادرة الأراضي ستقضي عملياً على حل الدولتين.
لكن النائبة في
البرلمان الأوروبي ديانا شوشواكا أبدت تشككاً في إمكانية أن تتحول المواقف الأوروبية إلى خطوات عملية مؤثرة، مشيرة إلى أن 70% من الموظفين وقادة المؤسسات في
فرنسا يهود، وهو ما يحدّ – حسب قولها – من قدرة ماكرون على اتخاذ قرارات صارمة.
وأكدت شوشواكا أن الضغوط الأوروبية الحالية تأتي أساساً من ضغط الشعوب والرأي العام وبعض السياسيين، موضحة أنها نفسها تعرضت لمحاولة اغتيال من جانب ممثلين يهود في البرلمان الروماني خلال جلسة سرية بسبب مواقفها المناهضة لإسرائيل.