ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أنه "لعقود، سعى الكرملين إلى ترهيب القوى الأجنبية بالتهديد باستخدام الأسلحة النووية. وفي حرب
أوكرانيا الحالية، شكّلت التهديدات النووية وسيلةً رئيسيةً سعت من خلالها الحكومة الروسية إلى كبح المساعدات الغربية لكييف. مع ذلك، يبدو أن فعالية سياسة حافة الهاوية النووية التي تنتهجها موسكو آخذة في التضاؤل".
وبحسب الموقع، "في الأسبوع الماضي، أبدى الرئيس الأميركي
دونالد ترامب استياءه الشديد من تهديدات نظيره الروسي
فلاديمير بوتين النووية. وجاء رفض
ترامب لأحدث تحذيرات بوتين النووية ليختتم شهرًا سيئًا بالفعل للزعيم الروسي، وهو شهر شهد إلغاء قمة أميركية روسية في بودابست بعد أن اتضح أن بوتين لن يوافق على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. كما فرض الرئيس الأميركي عقوبات على أكبر شركتين نفطيتين في
روسيا، وتحدث علناً عن إمكانية إرسال صواريخ توماهوك البعيدة المدى إلى أوكرانيا، وأفادت التقارير أنه سمح بمنح أوكرانيا مساعدة استخباراتية جديدة لتسهيل توجيه ضربات إلى البنية التحتية للطاقة في عمق روسيا".
وتابع الموقع، "جاء رد بوتين كما كان متوقعاً. ففي 26 تشرين الأول، أصدر الرئيس الروسي نسخة جديدة من التهديدات النووية التي أطلقها منذ غزوه أوكرانيا في عام 2022، وأعلن أن حكومته اختبرت للتو صاروخًا يعمل بالطاقة النووية وقادرًا على حمل رؤوس نووية، ويمكنه حمل حمولة نووية في أي مكان في العالم. وعندما سُئل في اليوم التالي عن تصريح بوتين، أجاب ترامب أن
الولايات المتحدة لا تحتاج إلى صواريخ تجوب العالم، لأن الغواصات الأميركية قادرة على ضرب روسيا عن قرب. وأضاف: "نختبر الصواريخ باستمرار". ثم أوضح أن حديث بوتين عن الصواريخ لم يصرفه عن مطالبة روسيا بالموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وقال بحدة: "كان عليه أن ينهي الحرب. حرب كان من المفترض أن تستغرق أسبوعًا واحدًا، وهي الآن في عامها الرابع تقريبًا. هذا ما كان عليه فعله بدلًا من اختبار الصواريخ"."
وأضاف الموقع، "بالطبع، للكرملين تاريخ طويل مع التهديدات النووية. ففي عهده، تباهى الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف مرارًا بالقدرات النووية للاتحاد السوفيتي، وأجرى تجربة جوية لأقوى سلاح نووي في العالم، "قنبلة القيصر"، عام 1961. وفي وقت لاحق، أمر أول رئيس لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بوريس يلتسين، بتطوير صواريخ تكتيكية جديدة لمواجهة ما اعتبره تهديداً متزايداً من جانب حلف شمال الأطلسي. وفي عام 2018، صرّح بوتين بغطرسة بأنه واثق من أن روسيا ستنتصر في حرب نووية، ولو في الآخرة، وقال إنه في حال توجيه ضربة نووية إلى روسيا، فإن رد موسكو سيكون سريعا للغاية لدرجة أنه في حين "سنذهب نحن ضحايا العدوان إلى الجنة
شهداء، فإنهم سوف يموتون ببساطة، لأنهم لن يكون لديهم حتى الوقت للتوبة"."
وبحسب الموقع، "عندما غزا أوكرانيا، استحضر بوتين مرة أخرى شبح الحرق النووي: "من يحاول التدخل في شؤوننا، ناهيك عن خلق تهديدات لبلدنا،ولشعبنا، يجب أن يعرف أن رد روسيا سيكون فوريا وسيقودكم إلى عواقب لم تواجهوها من قبل في تاريخكم". لا شك أن تحذيرات بوتين كان لها تأثير في بداية الحرب، إذ حثّ القادة الغربيون الناس على الوثوق بكلامه. وفي تشرين الأول 2022، صرّح الرئيس جو بايدن بأن بوتين "لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل للأسلحة التكتيكية والنووية"، مضيفا: "لم نواجه احتمال وقوع كارثة منذ عهد كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية". وقال المستشار الألماني آنذاك أولاف شولتز، مدافعاً عن موقفه الحذر بشأن إرسال دبابات ليوبارد إلى كييف: "نحن بحاجة إلى بذل كل ما في وسعنا لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة بين حلف شمال الأطلسي وقوة عظمى مسلحة تسليحاً ثقيلاً مثل روسيا، وهي قوة نووية"."
وتابع الموقع، "في الوقت الذي تحدث فيه بايدن، كانت أوكرانيا تطالب بشدة بصواريخ ATACMS الأميركية لتنفيذ هجومها على خاركيف، الذي طردت فيه القوات الروسية من ثاني أكبر مدنها إلى الشرق، وبدت أوكرانيا في وضع يسمح لها باستعادة المزيد من الأراضي، وربما محاصرة آلاف الجنود الروس. لكن إدارة بايدن ترددت، وكان القلق بشأن التهديدات النووية الروسية سببًا رئيسيًا لذلك. من جانبه، قال إيليا بافيلينكو، رئيس المخابرات الأوكرانية السابق، إن كل هذا كان خدعة. وحسب روايته، زوّدت روسيا عملاء غربيين معروفين بسيل متواصل مما بدا وكأنه مؤشرات ملموسة على استعدادها لاستخدام أسلحة نووية لمنع الولايات المتحدة من إرسال نظام ATACMS. وكان لهذا التضليل، بدوره، تأثير واضح على حسابات أميركا، وعلى سياسة إدارة بايدن تجاه أوكرانيا".
وأضاف الموقع، "ليس الأمر كذلك الآن. علاوة على ذلك، ليس ترامب الوحيد الذي ينظر بشك متزايد إلى تهديدات بوتين النووية. فقد صرّح رئيس الوزراء
البريطاني كير ستارمر في تشرين الثاني الماضي بأن "الخطاب غير المسؤول" الصادر عن روسيا بشأن الحرب النووية "لن يثنينا عن دعمنا لأوكرانيا". كما وانضمت السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 24 آذار 2024، رغم تحذيرات السفارة الروسية من أنها ستصبح "هدفًا مشروعًا لإجراءات روسيا الانتقامية". أما ألمانيا، التي لطالما سادت فيها مخاوف قوية من الأسلحة النووية الروسية، فتواصل المضي قدمًا في إعادة تسليحها".
وختم الموقع، "من المؤكد أنه يمكن الاعتماد على بوتين في مواصلة خطابه النووي، لكن يبدو أن القادة الغربيين مُصرّون على صياغة سياساتهم بناءً على الحقائق على الأرض، بدلًا من محاولات الكرملين للترهيب النووي".