تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

عربي-دولي

صراعات الشرق الاوسط وصلت الى سيدني.. عامل ضاغط آخر على الأمن العالمي

Lebanon 24
15-12-2025 | 12:00
A-
A+
Doc-P-1455362-639013933070405539.webp
Doc-P-1455362-639013933070405539.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب موقع "سكاي نيوز عربية": لم يعد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط شأناً إقليمياً محصوراً بجغرافيته الملتهبة، بل بات عاملاً ضاغطاً على منظومة الأمن العالمي والنسيج الاجتماعي في دول بعيدة عن ساحات القتال.
هجوم سيدني الأخير أعاد فتح النقاش حول كيفية انعكاس الحرب الإسرائيلية على غزة، واتساع رقعتها إقليميا، على المجتمعات الغربية، ولا سيما في ظل تصاعد الاستقطاب السياسي والديني، والخلط المتزايد بين سياسات اليمين الإسرائيلي المتطرف والجاليات اليهودية في العالم.

في هذا السياق، قدّم كل من الكاتب والمفكر السياسي عبد المنعم سعيد، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي، قراءتين متقاطعتين تضعان الحدث في إطاره السياسي الأوسع، وتحذّران من توظيفه بما يفاقم الانقسام ويهدد التعايش.

تصاعد الاحتقان الدولي وتحوّل المزاج الغربي

يرى سعيد أن العالم يشهد تحولا غير معتاد في المواقف تجاه إسرائيل، وصل إلى تسجيل ارتفاع في نسب معاداة السامية في الولايات المتحدة وأوروبا، في مشهد يستدعي بدايات تصاعد هذه الظاهرة في ثلاثينات القرن الماضي.

ويؤكد أن حرب غزة، وما رافقها من صعود شخصيات متطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية، أسهمت في خلق غضب عالمي واسع، لكنه شدد في المقابل على أن هذا الغضب لا يبرر مطلقا أي أعمال عنف تستهدف المدنيين، واصفا إياها صراحة بأنها "أعمال إرهابية" ذات نتائج عكسية.

عمليات تخدم السردية الإسرائيلية

بحسب عبد المنعم سعيد، فإن الاعتداءات التي تقع خارج إطار الصراع المباشر تمنح إسرائيل فرصة لإعادة ترسيخ خطابها القائم على ربط أي معارضة لها بالإرهاب.

ويشير إلى أن أطرافا في الغرب وأستراليا تتصيد مثل هذه الأحداث لاستثمارها سياسيا وإعلاميا، كما حدث عقب السابع من تشرين الاول 2023، ما يؤدي إلى إخراج القضية الفلسطينية من سياقها العادل وتعريضها لهجمات سياسية وإعلامية متجددة.
غليان الجاليات ومعركة بلا تنظيم سياسي

يصف سعيد المشهد الراهن بأنه معركة سياسية ضارية تدور على مستوى المنطقة والعالم، تمتد إلى الجاليات الإسلامية التي تعيش حالة غليان متراكمة، سبقت حرب غزة، نتيجة الانتهاكات الإسرائيلية.

إلا أنه يلفت إلى أن هذا الغليان يفتقر إلى التنظيم السياسي، وينقسم بين احتجاجات غير منظمة وأفعال عنف تصل إلى حد الإرهاب، مدعومة من أطراف غير دولية كحماس وتنظيمات أخرى، وبإسناد إيراني، ما يزيد المشهد تعقيداً ويضعف القدرة على توظيف الغضب الشعبي في مسار سياسي فعّال.

ويشدد المفكر السياسي على أن الفلسطينيين حققوا خلال العامين الماضيين مكاسب مهمة، أبرزها تراجع صورة إسرائيل في الرأي العام العالمي، واتساع دائرة التعاطف الدولي، وصولا إلى اعتراف 157 دولة بالدولة الفلسطينية.

ويؤكد أن هذه المكاسب جاءت بفعل ما نقلته الشاشات من مشاهد القسوة الإسرائيلية. غير أن سعيد يحذر من أن استهداف المدنيين، خاصة في دول كانت أكثر تعاطفا مع فلسطين، يهدد بتقويض هذه المكاسب ويعيد خلط الأوراق لصالح إسرائيل.
إدانة مطلوبة وقاعدة أخلاقية للصراع

ودعا عبد المنعم سعيد إلى إدانة واضحة وقوية لمثل هذه الأعمال من قبل منظمة التعاون الإسلامي والدول العربية والإسلامية، مع التشديد على مبدأ المواطنة واحترام قوانين الدول التي تعيش فيها الجاليات المسلمة.

كما شدد على ضرورة ترسيخ قاعدة أخلاقية للصراع، قوامها أن المساس بالمدنيين جريمة فادحة محرمة في كل الأديان، ولا يمكن أن تكون أداة مشروعة في معركة سياسية هدفها النهائي وقف إطلاق النار، وتثبيت التهدئة، وفتح مسار تفاوضي يقود إلى قيام الدولة الفلسطينية.

الإرهاب كفعل مدان لا يقبل التأويل

من جهته، يؤكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي، بشكل قاطع أن أي عملية تستهدف ترويع المدنيين تُعد عملا إرهابياً مرفوضاً أخلاقياً وقانونياً، ولا يمكن تبريره بأي ذريعة دينية أو سياسية.

ويشدد على أن هذا النوع من الأفعال لا تقبله الشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية، ما يضع حادثة أستراليا، من حيث المبدأ، في خانة الجريمة الإرهابية المكتملة الأركان.

وفي هذا السياق، يرفض عبيدي أي ربط تلقائي بين الفعل الإرهابي والانتماء الديني، مشيراً إلى أن الخشية التي سادت في أوساط المسلمين الأوروبيين عقب الحادثة تعكس تجربة سابقة من الزج بالجاليات المسلمة في قضايا مشابهة.

غير أن الوقائع، بحسب عبيدي، كشفت أن مسلما كان من بين من ساهموا في إنقاذ المدنيين، ما يشكل دليلا إضافيا على أن هذه الأفعال لا تمثّل المسلمين، بل تصدر عن أفراد معزولين.
التمييز بين المسلمين والإرهاب

يرى عبيدي أن المسلمين في أوروبا لم يعودوا جاليات وافدة، بل مواطنين أوروبيين كاملي الحقوق، ولا يمكن تحميلهم مسؤولية أفعال فردية.

ويؤكد أن الإسلام، كدين، والمسلمين، كمجتمعات، لا يتحملون أي مسؤولية عن هذه الأعمال، سواء وقعت في أستراليا أو في أي دولة أخرى.

ويستدل عبيدي على ذلك بالمعطيات الدولية، مشيراً إلى أن نحو 158 دولة اعترفت بدولة فلسطين حتى نهاية سبتمبر، دون أن يترتب على هذا الاعتراف موجات عنف أو أعمال إرهابية ضد اليهود في أوروبا، ما ينفي وجود علاقة سببية بين دعم القضية الفلسطينية وتصاعد الإرهاب.

معاداة السامية بين المفهوم والتوظيف السياسي

يحذر عبيدي من الاستخدام السياسي لمفهوم معاداة السامية، معتبراً أن هذا التوظيف جاء أساساً من قبل الحكومة الإسرائيلية، التي تسعى، وفق توصيفه، إلى تصوير أي معارضة لسياساتها، لا سيما الاستيطان والحرب على غزة، بوصفها عملاً معادياً لليهود.

ويشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذهب إلى التحذير من أن الاعتراف بدولة فلسطين، كما فعلت أستراليا، قد يغذّي معاداة السامية، وهو ما يراه عبيدي استنتاجاً خاطئاً، بدليل أن دولا أوروبية كبرى شهدت احتجاجات سياسية واسعة دون أن تتحول إلى أعمال إرهابية.
من موقعه الأكاديمي وتجربته الطويلة في أوروبا، يؤكد عبيدي أن نسبة العرب والمسلمين في المظاهرات الأوروبية، سواء في الشارع أو داخل الجامعات، تبقى محدودة مقارنة بالحضور الأوروبي غير العربي.

ويلاحظ أن لجان الحراك الطلابي في الجامعات الأوروبية يقودها أساساً طلاب أوروبيون لا ينحدرون من أصول عربية أو إسلامية، ما يدحض فرضية "استيراد الصراع" من الخارج.

كما يتوقف عند تصنيف بعض الأحزاب الأوروبية، مثل حزب "فرنسا الأبية"، كأحزاب معادية للسامية بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، معتبراً أن هذا الخلط يخدم أجندات سياسية ولا يعكس حقيقة التعدد داخل المجتمعات الأوروبية.
ازدواجية المعايير والإسلاموفوبيا

يتناول عبيدي تصاعد مظاهر الإسلاموفوبيا في أوروبا، مسلطاً الضوء على التباين الواضح في مقاربة هذه الظاهرة مقارنة بالتعامل الصارم مع معاداة السامية.

ويشير في هذا السياق إلى غياب أي مطالبات دولية بالتدخل لحماية المسلمين في الدول الأوروبية، باعتبارهم مواطنين يخضعون للحماية التي توفرها الأطر القانونية الوطنية.

وفي المقابل، يؤكد أن المنطق نفسه ينبغي أن يسري على اليهود في أوروبا، موضحاً أن حمايتهم لا تقع على عاتق المجالس أو الهيئات اليهودية، بل على القوانين والمؤسسات الرسمية للدولة، بوصفهم مواطنين يتمتعون بالحقوق والضمانات ذاتها، دون تمييز أو اعتبارات أخرى.

غزة، الإعلام، وانكسار الخطوط الحمراء

يرى عبيدي أن ما جرى في غزة شكل نقطة تحوّل مفصلية، إذ لم يعد من الممكن حجب المشهد أو التحكم في تدفق المعلومات، في ظل دور وسائل التواصل الاجتماعي في تعبئة الرأي العام. ويعتبر أن مقاربة “عدم استيراد الصراع” إلى أوروبا فشلت، لأن الشباب الأوروبي اكتشف تناقضاً بين الخطاب المعلن حول القانون الدولي وحقوق الإنسان، وبين ما يجري على الأرض.
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك