كتب موقع "العين الإخبارية":
ما لم تجر انتخابات مبكرة فإن إسرائيل بدأت في شهر تشرين الأول العام الانتخابي الذي كان قد يكون حاسما لمستقبل بنيامين نتنياهو.
فما أن هدأت المعارك حتى بدأت بوادر الخلاف الداخلي تطفو إلى العلن مع تبادل الاتهامات ببن أحزاب الحكومة من جهة وأحزاب
المعارضة من جهة أخرى.
وتشي الخلافات إلى أن العام 2026 سيكون صعبا داخليا
في إسرائيل في ظل رغبة المعارضة بإزاحة حكومة نتنياهو التي بدورها تسعى للاحتفاظ بالحكم.
وثمة تطوران هامان في الداخل
الإسرائيلي شهدهما العام 2025 الأول وهو طلب نتنياهو رسميا من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ العفو من تهم الفساد، أما الثاني فهو انسحاب حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" الدينيين من الحكومة.
وسيكون من شأن هذين التطورين تحديد مسار الأمور في العام 2026 إذ أن استمرار الخلاف بين نتنياهو والأحزاب الدينية "الحريديم" على خلفية عدم إقرار قانون التجنيد سيعني حتما عدم تمكنه من تشكيل حكومة جديدة وربما حتى تبكير الانتخابات إلى شهر حزيران بدلا من شهر تشرين الأول الذي تنتهي فيه ولاية الكنيست الحالي.
كما أن منح نتنياهو العفو من عدمه، سيحدد مسار الأمور في داخل إسرائيل في ظل الرفض الحازم من قبل المعارضة لمنح نتنياهو العفو ما لم يقر بذنبه ويتعهد بالخروج من المشهد السياسي وهو ما أكد نتنياهو على أنه يرفضه بالمطلق.
تراجع الثقة في الطبقة السياسية والأمنية
كما أن العام 2025 شهد تراجعا كبيرا في ثقة المجتمع الإسرائيلي في الطبقة السياسية والأمنية.
فقد كشفت استطلاعات الراي العام إن جزءا كبيرا من الإسرائيليين يعتقدون أن قرارات المستوى السياسي والأمني لا تستند إلى اعتبارات مهنية وإنما اعتبارات البقاء في الحكم.
وعكس ذلك بنفسه بشكل حاد على النظرة
الإسرائيلية للحكومة والشرطة بشكل خاص.
وكانت بوادر عدم الثقة هذه واضحة في أزمة الحكومة مع رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" السابق رونين بار وأيضا خلاف الحكومة مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، فضلا عن الخلافات بين
وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش إيال زامير إضافة إلى سعي الحكومة لتمرير قانونا للتجنيد يمنح إعفاءات من الخدمة لمتدينين إسرائيليين "حريديم".
كما برز هذا التراجع في الانتقادات التي تم توجيهها إلى أداء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المسؤول أيضا عن جهاز الشرطة.
تآكل المكانة الدولية
غير أن مسار الأمور في إسرائيل خلال العام 2025 لم يقتصر على الشأن الحزبي وإنما يتعداه إلى تبعات عامين من الحرب على صورة إسرائيل في العالم.
فقد أدت الحرب إلى تأكل مكانة إسرائيل على مستوى العالم وهو ما تم التعبير عنه في المظاهرات التي عمت المدن العالمية إضافة إلى اعتراف 10 دول، بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، بالدولة
الفلسطينية وتصاعد التأييد الدولي لحق
الفلسطينيين بقرير مصيرهم.
وقد أظهر تقرير أعدته لجنة رؤساء الجامعات ارتفاعًا حادًا في حالات المقاطعة المُبلّغ عنها منذ اندلاع الحرب.
وقال: "لا تزال المقاطعة في أوروبا تُشكّل عاملًا مُشكلًا وهامًا للغاية، حيث يقترب إجمالي عدد الحالات المُبلّغ عنها الآن من ألف حالة تقريبًا؛ وقد وقع ربعها خلال الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، ومعظمها في أوروبا".
وخلافًا للتوقعات السابقة، لم يُؤدِّ وقف الحرب والجهود الدبلوماسية إلى احتواء المقاطعة أو انخفاض وتيرتها؛ بل على العكس، فقد حدث العكس.
وأضاف التقرير: "علاوة على ذلك، يبدو أن الصورة السلبية لإسرائيل في أوروبا قد ترسخت، وأن الإجراءات السياسية وحدها غير كافية لتغيير التصور العام الراسخ".
ويؤكد التقرير أن المقاطعة الأكاديمية تتوسع بشكلٍ مثيرٍ للقلق، متجاوزةً استبعاد الباحثين الأفراد (57% من الحالات الحالية) لتشمل المستوى المؤسسي وبرامج دولية واسعة النطاق.
وقال: "من الاتجاهات المقلقة تزايد عدد الجامعات الأوروبية التي تفرض مقاطعة أكاديمية كاملة على المؤسسات الإسرائيلية.
إضافةً إلى ذلك، يُستبعد الباحثون الإسرائيليون، صراحةً أو ضمنًا، من برامج البحث الأوروبية، ولا سيما برنامج "هورايزون أوروبا"، وحتى الآن، تُقاطع نحو 20 شراكة إسرائيلية ممولة في إطار هذا البرنامج، معظمها في إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا.
هذا التوسع الكبير، الذي يشمل الآن مقاطعات من قِبَل جمعيات أكاديمية مهنية في مجالات مختلفة (مثل علم الآثار والطب والإعلام)، يُهدد بعزل الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية بشكلٍ خطير، ويُشكّل تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا لمكانتها الدولية.
نفقات اقتصادية ضخمة
واقتصاديا تطلبت الحرب نفقات ضخمة وهو ما تم التعبير عنه بميزانية إضافية بعشرات المليارات لعام 2025.
وفي غضون ذلك، يحذر الاقتصاديون من أن استمرار العجز المرتفع مع مرور الوقت يشكل مخاطرة.
وقد انكمش اقتصاد إسرائيل بمعدل سنوي قدره 3.9% في الربع الثاني من عام 2025، وفقًا لتقدير ثالث، مسجلاً تحسناً طفيفاً مقارنةً بانكماش بنسبة 4.0% في القراءة الثانية، ومتراجعاً عن نمو بنسبة 3.1% سُجّل في الربع الأول، وفق الدراسات الاقتصادية.
ويمثل هذا التراجع أول انكماش ربع سنوي تشهده البلاد منذ الربع الرابع من عام 2023، مما يعكس التداعيات الاقتصادية للصراع الدائر.
وانخفض استهلاك الأسر بنسبة 4.8%، وتراجع الإنفاق الحكومي بنسبة 1.0%، وتراجع تكوين رأس المال الثابت بنسبة 12.8%، في حين كان صافي التجارة عاملاً مثبطاً، إذ انخفضت صادرات السلع والخدمات بنسبة 5.7%، على الرغم من ارتفاع الواردات بنسبة 1.1%.
وعلى أساس نصف سنوي، نما الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 0.9% مقارنةً بالنصف الأول من عام 2024.