كتب "آرم. نيوز": يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمواجهة عام حافل بالتحديات والخيارات المصيرية، في ظل اقتراب الانتخابات المقبلة وتصاعد الضغوط الداخلية والخارجية في آن واحد.
وتشمل هذه الاستحقاقات ملفات أساسية أبرزها غزة، والتجنيد الإجباري، والإصلاح القضائي، إلى جانب السعي للحفاظ على تحالفاته السياسية التقليدية في مواجهة معارضة آخذة في التوسع.
وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن قدرة نتنياهو على المناورة السياسية وتوظيف الأزمات لمصلحته باتت اليوم موضع اختبار جدي.
التجنيد الإجباري والتحالف مع اليمين
تُعد قضية التجنيد الإجباري لطلاب المدارس الدينية الأرثوذكسية من أكثر الملفات إلحاحًا أمام نتنياهو، خصوصًا بعد قرار المحكمة العليا عام 2024 بوجوب إلزامهم بالخدمة العسكرية. هذا الحكم دفعه إلى البحث عن مخرج قانوني يمنحهم إعفاءً جديدًا، حفاظًا على دعم القوى المتشددة التي تشكّل ركيزة أساسية في ائتلافه.
غير أن هذا التوجه يواجه معارضة واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي، ولا سيما في ظل الإرهاق الشعبي بعد الحرب الأخيرة على غزة. وفي حال رفض الكنيست تمرير الإعفاء، قد تدخل الحكومة في أزمة تهدد بسقوطها والتوجه نحو انتخابات مبكرة.
وفي هذا السياق، يسعى نتنياهو إلى تأجيل الاستحقاق الانتخابي أطول فترة ممكنة، على أمل تحسّن موقعه في استطلاعات الرأي. ويرى محللون سياسيون، من بينهم رؤوفين حزان ويهوانان بليسنر، أن هذه المقاربة تندرج ضمن استراتيجيته المعهودة في إغراق المشهد بقضايا جانبية لتخفيف الضغط الشعبي قبيل أي انتخابات.
خيارات أمنية ودبلوماسية
أمنيًا وخارجيًا، يجد نتنياهو نفسه أمام معادلة معقدة في ملف غزة. فرغم موافقته على خطة السلام التي طرحها ترامب، فإنه لم يبدِ حماسة كاملة لها، مشددًا على أن نزع سلاح حماس يجب أن يتم طوعًا، وإلا فسيُفرض بالقوة.
هذا الموقف يحظى بتأييد غالبية الإسرائيليين، إلا أن استمرار العمليات العسكرية في غزة وسوريا ولبنان يفاقم التوتر مع إدارة ترامب، التي تسعى إلى تهدئة أوسع في المنطقة.
وتضاف إلى ذلك ضغوط العلاقة مع الدول العربية، ولا سيما السعودية، التي تربط أي تطبيع مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية. هذا الشرط يضع نتنياهو أمام خيار حاسم بين الاستمرار في نهجه الحالي أو تقديم تنازلات استراتيجية قد تفتح الباب أمام تسوية إقليمية وتؤسس لإرث سياسي مختلف.
الإصلاح القضائي ومستقبل نتنياهو السياسي
يشكل ملف الإصلاح القضائي اختبارًا إضافيًا لبقاء نتنياهو في الحكم، إذ يسعى إلى تقليص صلاحيات القضاء، في خطوة يعتبرها خصومه محاولة للالتفاف على ملاحقاته القانونية.
ويرتكز نتنياهو في هذا المسار على دعم أحزاب اليمين المتطرف والتيارات الأرثوذكسية، إلا أن انهيار حكومته قد يفرض عليه البحث عن تسوية مع المعارضة.
وتشير تقديرات إلى احتمال لجوئه إلى شخصيات سياسية سابقة، مثل نفتالي بينيت، لتشكيل ائتلاف وسطي جديد يتيح له الابتعاد عن المتشددين وضمان استمراريته. ويرى محللون، من بينهم نمرود نوفيك، أن هذا الخيار قد يفتح المجال أمام صفقة سياسية تشمل التراجع عن الإصلاح القضائي وضبط عنف المستوطنين، بما قد يعزز موقع إسرائيل دوليًا ويعيد رسم المشهد الإقليمي.
ومع اقتراب لقائه المرتقب مع ترامب في فلوريدا، تبدو الخيارات أمام نتنياهو محدودة وحاسمة: إما الاستمرار في التحالف مع اليمين وتحمل كلفة سياسية وقانونية مرتفعة، أو التوجه نحو تسوية استراتيجية تمنحه إرثًا دبلوماسيًا وتعيد ترتيب وضع إسرائيل داخليًا وخارجيًا.
وبذلك، يُنتظر أن يكون عام 2026 مفصليًا، ليس فقط لمستقبل نتنياهو السياسي، بل لمسار إسرائيل بأكملها بعد أكثر من ثلاثة عقود من قيادته للمشهد السياسي. (آرم نيوز)