أحيت سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان الذكرى الـ 36 لجريمة اختطاف الديبلوماسيين الايرانيين الاربعة (محسن الموسوي، أحمد متوسليان، كاظم إخوان، تقي رستكار مقدم)، بلقاء تضامني عقدته في مقر السفارة في بئر حسن، في حضور النائب حكمت ديب ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب الدكتور ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأب عبدو أبو كسم ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مصطفى غيث ممثلا وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، النائب إبراهيم الموسوي ممثلا الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله، الوزير السابق عدنان منصور،الشيخ سامي أبي المنى ممثلا رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين، وفد من تجمع العلماء المسلمين برئاسة الشيخ حسين غبريس، وفد من "حركة التوحيد الإسلامي" برئاسة الدكتور معاذ شعبان وديبلوماسيين ونواب ووزاء سابقين وممثلين عن الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية واركان السفارة الايرانية.
وفي كلمة له في مستهل اللقاء، قال القائم بأعمال السفارة الإيرانية في بيروت السيد أحمد حسيني: "منذ ستة وثلاثين عاما أي في الرابع من شهر تموز لعام 1982 ارتكبت اليد الآثمة جريمة بشعة تخالف جميع الشرائع السماوية والأرضية تمثلت باختطاف أربعة من الدبلوماسيين الموفدين لتأدية واجبهم الرسمي على يد عملاء الكيان الصهيوني"، مشيرا إلى أن "هؤلاء الدبلوماسيين كانوا مكلفين بالبحث عن أواصر العلاقة والصداقة وتعزيزها بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية اللبنانية التي كان جزء كبير من أراضيها ومنها العاصمة بيروت في حينها تعيش تحت الطوق والحصار والاحتلال الاسرائيلي".
أضاف: "بغض النظر عن الصفة التي كانوا يحملونها والمهمة التي كانت على عاتقهم، يعتبر مخزيا وشنيعا ووصمة عار على جبين كل من ارتكب وشارك في عملية الاختطاف، أفرادا كانوا أو حزبا أو الكيان الصهيوني المغتصب".
ولفت حسيني إلى "أننا نقوم اليوم بإحياء هذه الذكرى الأليمة لنحيي أولا عائلات الدبلوماسيين المختطفين على صبرهم ومعاناتهم لمأساة فقدان أبنائهم، ونؤكد ثانيا على تضامننا مع هذه القضية الحقة. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وحكومة وشعبا تنتظر تحرير أبنائها والكشف عن ملابسات الموضوع مهما كلف الأمر وان طالت القضية بسبب عدم الاكتراث والغموض وانعدام الجدية في متابعة هذه القضية الإنسانية من قبل كل الأطراف المعنية والمحافل الدولية على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد تؤكد وزارة الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية على اقتراحها تشكيل لجنة تقصي حقائق من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي وبقية اللجان الحقوقية لكشف ملابسات هذه الحادثة"، معتبرا أن "هذه القضية تتعلق بشرعة حقوق الانسان قبل أن تكون قضية اعتداء صارخ على القانون الدولي واتفاقات جنيف المتعلقة بحقوق الدبلوماسيين". وقال: "فمن يراهن على جعل القضية طي النسيان مع مرور السنوات نقول له أن رهاناته خاسرة وستبوء بالفشل لأن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتحمل مسؤولية متابعة القضية حتى نهايتها كما تأبى الضمائر الإنسانية الحية أن تسكت أمام هذه الجريمة المستنكرة والمدانة والبشعة".
وإذ نوه "بالجهود التي بذلتها الحكومات المتعاقبة في لبنان بخصوص هذه القضية وخصوصا الرسالة التي وجهت من قبل الدولة اللبنانية في 13 أيلول 2008 إلى الأمين العام للأمم المتحدة والتي تؤكد خطفهم على الأراضي اللبنانية"، شدد حسيني على "استمرارية جهودها المخلصة وابقائها على سلم الأولويات". وقال: "فالقضية تظل حية مستمرة وملف الاختطاف مفتوح على مصراعيه حتى خواتيمها المرجوة سواء على الصعيد القانوني الجنائي الدولي أو على الصعيد الإنساني عبر المنظمات والمحافل المعنية بهذه القضية".
وكشف القائم بأعمال السفارة الإيرانية في بيروت عن أن "كل المعلومات التي حصلنا عليها تؤكد بأن الجهة المختطفة سلمت الدبلوماسيين الأربعة إلى الكيان الصهيوني الغاصب الذي يتحمل المسؤولية عن مصيرهم كما يتحمل مسؤولية كل الجرائم الأخرى التي ارتكبها ضد الشعب اللبناني والفلسطيني خصوصا عدوانه الهمجي على أهلنا في فلسطين المتمثل بقمع مسيرات العودة. إلا أن المقاومة ستثبت مجددا جدارتها وصمودها كما أثبتتها من قبل وتقدم التضحيات عازمة على مواصلة طريق الجهاد والدفاع عن شعبها".
بدوره، أشار ممثل الرئيس بري، النائب موسى إلى "ان خطف الديبلوماسيين الأربعة الذين يتمتعون بالحصانة التي تنص عليها معاهدة فيينا، في ظل الإحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية في أعقاب إجتياح 1982، وإنحسار سلطة الحكومة اللبنانية في ذلك الحين يحمل الدولة المحتلة تبعة هذه الجريمة وكل ما يترتب عليها من تداعيات"، لافتا إلى أن "المؤشرات والمتابعات التي قامت بها الجهات المعنية أظهرت بأن الإحتلال الإسرائيلي اقتاد المخطوفين الأربعة إلى سجونه ومعتقلاته في الأراضي المحتلة، على رغم إستمرار إنكار حكومة العدو وجودهم لديها، وتسريبها أخبارا مضللة في شأن مصيرهم".
ورأى موسى أن "دولة تمتهن الإرهاب وتنتهك كل المحرمات والمقدسات وتعمل لإبادة شعب وطمس هويته، ليس غريبا عليها خطف ديبلوماسيين مسالمين، وهي التي تخطف الشعب الفلسطيني بأكمله، وتدمر منازله وقراه وتراثه وتجرف أراضيه الزراعية وتقضمها وتعتدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية وتزور التاريخ وتسخره لمصلحة مشروعها الإستيطاني الكبير".
وأعرب عن تضامنه مع حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران ومع ذوي الديبلوماسيين الأربعة، داعيا "الجهات الدولية المحبة للعدالة والسلام إلى رفع الصوت من أجل مزيد من الضغوط على حكومة العدو بغية الإعتراف بوجودهم في سجونها والإفراج عنهم وإعادتهم إلى وطنهم وعائلاتهم في أسرع وقت". كما أعرب عن ألمه "لإرتكاب هذه الجريمة على الأراضي اللبنانية واستهداف دولة تربطها بلبنان وشعبه علاقات تاريخية وأواصر صداقة وثيقة"، داعيا "هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية إلى فضح الممارسات الإسرائيلية وإنتهاكات حقوق الإنسان أمام العالم".
وقال موسى: "اننا على يقين بأن هذه القضية الإنسانية ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي وخصوصا الدول التي ترفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان، ما لن تجد طريقها إلى النهاية السليمة بإطلاق هؤلاء المظلومين وإعادتهم إلى عائلاتهم الصابرة، ووطنهم الذي يناديهم".
وشدد منصور، خلال اللقاء، على أن "جريمة الخطف البشعة التي طالت أربعة ديبلوماسيين إيرانيين ينتمون إلى الطاقم الديبلوماسي للسفارة الإيرانية في بيروت على حاجز ميليشيوي مسلح، ما زالت في الذاكرة تتفاعل وتهز الضمير لما تتركه من تداعيات نفسية وأعباء ضاغطة صعبة، ترمي ثقلها على زوجات وأسر هؤلاء الديبلوماسيين، حيث تعيش مرارة دائمة، ويحدوها الأمل والتطلع إلى اليوم الذي يعود فيه الديبلوماسيون إلى بيوتهم".
ورأى "أننا أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية وإنسانية ومهنية تقع على عاتق الدولة اللبنانية، خصوصا وأن جريمة خطف الديبلوماسيين الأربعة تمت على أرض لبنانية وأن هؤلاء الديبلوماسيين هم ضيوف عندنا وواجب توفير الحماية لهم، حيث كانوا يقومون بمهامهم في سفارة بلدهم في بيروت، لذلك لا بد من تكثيف جهود أجهزة الدولة اللبنانية لمتابعة هذا الملف الإنساني بشكل جدي وفعال وملاحقة الجهة الخاطفة التي كانت متواجدة على الحاجز المسلح والوقوف على تفاصيل الخطف كاملة، وتحديد من كان وراء عملية الخطف بكل صدق ومسؤولية وإلى أين اقتيد المخطوفون في ما بعد وإلى أين سحبوا من الحاجز المسلح المعروف للجميع والمتواجد على نقطة جغرافية ضيقة ومحددة".
وأكد انه "لا يجوز إبقاء وضع الديبلوماسيين على حاله ونحن الذين نعاني حتى اليوم من جريمة تغييب إمام عظيم، ولا يجوز إبقاء مسألة الديبلوماسيين على ما هي عليه حتى لا يطويها الزمن بعدم تحقيق أي تقدم في مجال التحقيقات على الأرض وتحديد الجناة المنفذين للجريمة وقيادتهم التي تخفي الحقائق وتضلل التحقيق وتتنصل من مسؤوليتها وتورطها. لا نريد أن تبقى جريمة خطف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة في لبنان تتردد أصداؤها في وزارة الخارجية الإيرانية تتناقلها الأجيال الديبلوماسية وأسر المخطوفين فهذا لا يليق بسمعة لبنان إذا لم نتوصل إلى معرفة مصيرهم".
(الوطنية للاعلام)