ذكر موقع "Responsible Statecraft" الأميركي أن "أي توقف محدود في المعاناة التي لا توصف والتي يتحملها سكان قطاع غزة منذ عامين أمر مرحب به، وبالتالي فليس من المستغرب أن يتم وصف الاتفاق بشأن غزة الذي تم التوصل إليه في أوائل تشرين الأول على نطاق واسع وبشكل خاطئ بأنه "اتفاق سلام"، وكان الاتفاق بدلا من ذلك عبارة عن تبادل للأسرى ووقف محدود لإطلاق النار. وتم التوصل إلى الاتفاق لأن مجازر غزة وتجويع سكانها قد بلغا حدًا دفع حماس إلى التخلي عن نفوذها الضئيل المتمثل في الرهائن الإسرائيليين المتبقين. ومع إطلاق سراحهم، نجح رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إزالة المصدر المحلي
الرئيسي المباشر للمعارضة لسياساته، في حين حصلت القوات
الإسرائيلية على استراحة ضرورية قبل استئناف العمليات".
وبحسب الموقع، "لا يبدو أن هناك أي اتفاق وشيك بشأن معظم بنود "خطة السلام" التي اقترحها الرئيس الأميركي
دونالد ترامب، والمكونة من عشرين نقطة، كما أنه يتم إيلاء قدر أقل من الاهتمام بالأسباب الجذرية للعنف الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، والتي تشمل التوسع الإقليمي الإسرائيلي وحرمان
الفلسطينيين من حق تقرير المصير. والآن، حتى وقف إطلاق النار ينهار بعد أقل من شهر من بدء سريانه. هذا ليس مفاجئًا أيضًا، نظرًا لأن
إسرائيل لم تُبدِ أي نية للتخلي عن أهدافها التي تنطوي على إخضاع الفلسطينيين أو
القضاء عليهم، وأنها سعت إلى تحقيق ذلك بالقوة المسلحة إلى حد كبير. ويُفضّل المتطرفون اليمينيون في حكومة نتنياهو استمرار الحرب، ولعلّ الأخير قد أكّد للمتطرفين، كما فعل سابقًا، أن وقف إطلاق النار لن يدوم".
وتابع الموقع، "في آذار، أنهت إسرائيل وقف إطلاق نار سابق، منتهكةً بذلك اتفاقًا تم التوصل إليه في كانون الثاني، وحال دون تنفيذه الكامل. ورغم هذا السجل، وجّه
ترامب كل تهديداته ضد حماس، قائلاً إن على إسرائيل "الرد" إذا هوجمت قواتها، وإن حماس ستُقضى عليها إذا لم "تتصرف بشكل سليم". ومن الاتهامات الرئيسية الموجهة لحماس في ما يتعلق بالتزامها ببنود وقف إطلاق النار عدم إعادة المزيد من جثث الرهائن الإسرائيليين المتوفين. ونظراً للأنقاض التي تغطي الآن معظم قطاع غزة والآلاف من الجثث الأخرى، فإن تفسير حماس لصعوبة العثور على الجثث الإسرائيلية وانتشالها، وخاصة في غياب المعدات الثقيلة، يبدو معقولاً تماماً. عكست موافقة حماس على صفقة تبادل الأسرى الأخيرة تقديرها بأن أي نفوذ قد يكون للرهائن الإسرائيليين لن يمنع إسرائيل من مواصلة هجومها المميت، فما لا يمكن تحقيقه مع الأسرى الأحياء من غير المرجح تحقيقه مع القتلى".
وأضاف الموقع، "هذا الأسبوع، شنت إسرائيل غارات جوية أسفرت عن مقتل 104 أشخاص، وفقًا لوزارة الصحة
الفلسطينية. وتقول إسرائيل إن الغارات جاءت ردًا على حادثة إطلاق نار في رفح قُتل فيها جندي إسرائيلي. من جانبها، تنفي حماس تورطها في إطلاق النار. إن الوضع الحالي المتمثل في استمرار القتل وسط "اتفاقية السلام" المزعومة هو فصل آخر في قصة إسرائيل الطويلة التي تجني مكاسب فورية بينما تحرم الفلسطينيين إلى الأبد من السلام أو حقوق الإنسان من خلال جعل الترتيبات المؤقتة ظاهريًا دائمة. فبفضل اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، حصلت إسرائيل على معاهدة السلام التي سعت إليها مع مصر، رغم أنها لم تنفذ الجزء من الاتفاقيات المتعلق بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. ومع اتفاقية أوسلو عام 1993، حصلت إسرائيل على الاعتراف الكامل من جانب منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد ذلك تطورت السلطة الفلسطينية الانتقالية المفترضة ليس إلى دولة فلسطينية بل إلى قوة مساعدة للجيش الإسرائيلي في إدارة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية".
وبحسب الموقع، "الآن استعادت إسرائيل رهائنها من دون أن تتنازل عن أي شيء في ما يتعلق بالحقوق الفلسطينية، ولم تفقد القدرة على استئناف الهجمات العسكرية في قطاع غزة، ولم تنسحب من القطاع بأكمله. وهذه المرة، يتضمن الترتيب المؤقت المفترض الذي قد يتحول إلى ترتيب دائم "الخط الأصفر"، الذي سحبت إسرائيل قواتها خلفه بينما لا تزال تحتل ما يزيد قليلا على نصف قطاع غزة. ومن المتوقع أن يصبح الخط الأصفر خلال الأشهر المقبلة حدوداً أكثر أهمية من الخط الأخضر، الذي كان جزءاً من حدود إسرائيل قبل أن تبدأ الأخيرة حرب عام 1967، والذي قامت بمسحه تدريجياً من خلال ضمها الفعلي للضفة الغربية. وقد بدأت القوات الإسرائيلية بالفعل في التمركز على طول الخط الأصفر، حيث تعمل على إنشاء التحصينات وبناء البنية الأساسية على جانبها من الخط، وهو ما لن يخدم الغالبية العظمى من سكان غزة، الذين أصبحوا محصورين على الجانب الآخر".
وختم الموقع، "هكذا، يبقى الوضع في غزة قاتمًا في الوقت الراهن، وربما لأشهرٍ أو أكثر".