حصل النائب ميشال معوض المرشح لرئاسة الجمهورية على عدد لا بأس به من الاصوات في الجلسة الاولى التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للبنان. لكنّ هذا العدد لا يؤهله للدخول بمنافسة جدية في الاستحقاق الرئاسي، لأن هذه الارقام تقابلها كتلة كبيرة من قوى الثامن من آذار بصرف النظر عن مدى تماسكها، الا انها لن تتجه حتماً نحو تأييد معوض، بالإضافة الى عدد كبير أيضاً من النواب التغييريين والمستقلين الذين اتخذوا موقفاً حاسماً من الاصطفاف السياسي.
احدى أهمّ "اوراق" النائب ميشال معوّض الرابحة والتي تشكّل في مكان ما إحدى نقاط ضعفه أيضاً تأييد "الحزب التقدمي الاشتراكي" له. إذ إن رئيس "الحزب الاشتراكي" وليد جنبلاط أوعز لكتلته النيابية التصويت لمعوّض والتي التزمت بثمانية اصوات منحته دفعاً سياسياً وتنوّعاً طائفياً ما عزّز حضوره في المعركة الرئاسية. فأين تكمُن إذاً نقاط الضعف من دعم "الاشتراكي" لمعوض؟
في الواقع، فإن دعم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" المُربح بالنسبة للمرشح الرئاسي ميشال معوض قابلٌ لأن يتحوّل الى خسارة في أية لحظة، ذلك أنّ جنبلاط صاحب اعادة التموضع بشكل دائم ومستمر أوحى خلال مقابلته الاخيرة أنّه يؤيد معوّض على اعتباره مرشحاً غير استفزازي، وعليه فإنه في حال دخل الاخير في لعبة الانقسام السياسي اللبناني فمن الطبيعي أن يسحب "بيك الجبل" دعمه المشروط بما وصفه بـ "بعض النقاط المهمة".
مما لا شكّ فيه أن جنبلاط يحاول أن يفرض توازناً ما بين مراعاة "حزب الله" من جهة والولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية من جهة اخرى، لذلك ففي حال استشعر عدم موافقة "الحزب" على خيار معوّض اذا ما اعتبره الاخير مرشح تحدٍّ له، لن يدخل جنبلاط في معركة "كسر عضم" مع حارة حريك بل على العكس سيذهب نحو الدعوة الى اختيار مرشح تسووي، وهذا الامر سيشكّل إحدى نقاط ضعف معوّض لأنه في حال خسارته ل"الاشتراكي" قد يخسر معه أيضاً "القوات اللبنانية" وغيرها من الكتل السياسية.
ولعلّ جنبلاط الذي يقرأ جيداً المتغيرات في المنطقة يرى بلا شكّ بأن الآفاق السياسية في لبنان تتجه نحو تسوية كبرى في الأشهر المقبلة، وبما أنّ هذه الأشهر قد لا تثمر انتخاب رئيس جديد للجمهورية فهو يحاول الحفاظ على علاقته الجيدة مع مختلف الفرقاء، ومن هُنا يأتي تأييده لمعوّض الذي من المتوقّع أن يستمرّ لمدّة لا بأس بها قبل ظهور تطورات سياسية تقلب المشهد وتؤدي الى وصول رئيس تسووي الى قصر بعبدا، عندها قد يلتحق بالمرشح الذي تفرضه تسوية ما واردة في أي لحظة.
يضاف الى كل ذلك، أنه حتى الساعة لم يعلن رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية ترشيحه بشكل علني، ولم تؤيده أي قوة سياسية، ما يعني بأن ورقة فرنجية لا تزال مغلقة. ولعلّ العلاقة الجيدة التي تربط بين فرنجية وجنبلاط ترفع من احتمالات تأييد الاخير له في حال اعلانه رسمياً ترشحه. لذلك فإن جنبلاط سيكون في المرحلة المقبلة أحد أبرز اللاعبين الاساسيين في اختيار رئيس جديد للبلاد.