لم تمرّ دعوة نقيب أصحاب المطاعم في
لبنان طوني الرامي الزبائن إلى ترك "بقشيش" بنسبة تتراوح بين 12% و15% من قيمة الفاتورة، مرور الكرام لدى الكثير من اللبنانيين.
الرامي، الذي اعتبر هذا الأمر من "أصول الضيافة"، ربما غاب عنه مدى حساسية هكذا طرح في بلد "استوى" مواطنوه على نار الأسعار المرتفعة أينما توجهوا.
معروف اللبناني بكرمه، سواء في الضيافة وحتى في البقشيش الذي تفاوتت مفاهيمه بعد الأزمة المالية منذ 2019. فحتى ولو لم تكن النسبة هي نفسها لدى جميع الزبائن، إلا أنه يستحيل أن ينهض لبناني عن طاولته في أي مطعم من دون أن يترك إكرامية التي تتعدى مجرد المكافأة على خدمة جيدة، حتى أصبحت جزءاً أصيلاً من الثقافة الاجتماعية.
ففي حين يعتبر الكثيرون القشيش تعبيراً عن التقدير والاحترام للعاملين الذين يعتمدون عليه بشكل كبير كمصدر دخل إضافي، إلا أنه بات نقطة جدل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وبالتالي لا يمكن فرضه بنسبة محددة.
إذ أنه كما أن زيارة المطاعم بتنوّع فئاتها وخدماتها لم تكن يوماً حكراً على فئة محددة من المجتمع، لا يمكن بالتالي وضع البقشيش في إطار معيّن يتم فرضه على الزبائن الذين من حقهم ارتياد المطاعم للتسلية والترفيه عن أنفسهم من دون الشعور بعقدة النقص بسبب قيمة الإكرامية التي سيتركونها في نهاية جلستهم.
ربما صفة الكرم التي لازمت اللبناني منذ القدم هي التي أشعلت شرارة الاستفزاز عقب هذا التصريح النقابي، الذي حبّذا لو أخذ بعين الاعتبار أن المواطن يعيش يومياً في صراعات لا تعد ولا تحصى من أجل تأمين لقمة عيشه وعائلته، هو الذي "يشحد" الحد الأدنى المعيب للأجور وسط فواتير باهظة ومعيشة بات الركض وراء توفيرها أمراً مرهقاً فعلاً.
من هنا، وفرّوا على هذا المواطن عناء الابتزاز العاطفي وانتقال البقشيش من قيمة تعكس مدى رضاه عن الخدمة التي تلقاها، إلى معيار يضعه في خانة البخيل إذا رفض تأطير الإكرامية في إطار محدد، قد لا يكون دوماً قادراً على الالتزام به في رحلة الترفيه عن نفسه.