أكد وزير المهجرين وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الدكتور كمال شحادة أن "ما يجري اليوم من سحب للسلاح من المخيمات الفلسطينية، والجلسة الحكومية المرتقبة يوم الثلثاء للبحث في خطة الجيش وحصرية السلاح، يأتي ضمن مسار واضح لحصر السلاح بيد الدولة
اللبنانية وبسط سلطتها على كامل أراضيها وضبط الحدود".
وأشار شحادة، إلى أن "الهدف هو أن يعود
لبنان بلدا ذات سيادة، ممسكا بقراره في الحرب والسلم عبر مؤسساته الدستورية فقط، لا عبر أي طرف آخر"، وقال: "هذا المسار انطلق بالفعل ويحظى بإجماع اللبنانيين، وإن اختلف البعض على التوقيت أو تسلسل الخطوات، لكنه بدأ ولن يتوقف، لأن مصلحة اللبنانيين جميعا تكمن في نجاح خطة حصر السلاح في أسرع وقت، إذ إن بناء الجمهورية هو لمصلحة كل اللبنانيين، فهذه
جمهورية جامعة، وكل ما ينفذ يتم عبر المؤسسات الدستورية".
ولفت إلى أنّ "الشعب اللبناني واحد ومستقبله واحد، ومؤسساته الدستورية واحدة"، وقال: "منذ عقود، اخترنا أن يكون نظامنا ديموقراطيا، يقوم على مجلس النواب والحكومة ورئاسة الجمهورية. نحن نعمل ضمن المؤسسات، وثقة اللبنانيين كاملة بالمؤسسة المخولة بسط سلطة الدولة، أي الجيش اللبناني، وهو العمود الفقري لأي وطن".
أضاف: "من يطرح الانسحاب
الإسرائيلي مقابل سحب السلاح، أذكره بأن هناك ورقة مشتركة وضعت نتيجة الأفكار والإصرار
اللبناني على بعض النقاط، وتضمنت وجهة نظر لبنان بوضوح. هذه الورقة تدخل حيز التنفيذ عندما توافق عليها الدولتان المعنيتان: إسرائيل، وسوريا في بعض البنود. اليوم، المطروح هو خيار على مسارات عدة: دعم الجيش والقوى الأمنية، التحرك الدبلوماسي، وصولا إلى صيغة خطوة مقابل خطوة. وهنا، يأتي دور لبنان في سحب السلاح وفق اتفاق الطائف وخطاب القسم والبيان الوزاري، بما يضمن حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية".
وتابع: "نحن متمسكون بانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس وإطلاق الأسرى اللبنانيين وإعادة إعمار الجنوب وعودة الأهالي، تطبيقا لمبدأ خطوة مقابل خطوة، والمطلوب أن نبدأ نحن كلبنانيين بالخطوة الأولى".
وأشار إلى أنّ "القبول موجود من الجميع بالخطوات الحكومية واحترام المؤسسات الدستورية، وخصوصً من الوزراء الذين انسحبوا من الجلسة"، وقال": "من يتحدث باسم لبنان، الدولة اللبنانية والحكومة فقط. تكلمت الحكومة وقررت، وهذا ما ينفذ. التحرك الأميركي مستمر، ونحن ننتظر التزاما واضحا من إسرائيل بخطوة مقابلة للخطوات التي تقوم بها الدولة اللبنانية".
وأوضح أن "الزيارة الأميركية الأخيرة لم تكن عادية، إذ ضمت وفدًا من الإدارة الأميركية بمشاركة من الحزبين
الجمهوري والديمقراطي، بهدف دعم الجيش ودعم مسار الحكومة وتنشيط الاقتصاد اللبناني. أرادوا إيصال رسالة أن الملفات اللبنانية شأن داخلي، وأن
الولايات المتحدة بكل مؤسساتها مستعدة لدعم لبنان".
وكشف شحادة أن "الاتصالات الديبلوماسية أظهرت استعداد الدول العربية الصديقة لمساعدة لبنان، مؤكدة أنّ بدء مسار حصر السلاح سيجلب دعمًا اقتصاديًا وماليًا وعسكريًا للبنان".
وتابع: "كلنا نريد عودة أهالي الجنوب إلى قراهم، والازدهار للجنوب. خيار حرب الإسناد، هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه. الحكومة ليست مسؤولة عما جرى، بل مسؤولة عن كل اللبنانيين وعن إخراجهم من الوضع الراهن، واستعادة النقاط الخمس والأسرى. أما ما حصل فكان نتيجة قرار طرف لبناني خارج عن سلطة الدولة بخوض حرب الإسناد، وكل مواطن جنوبي يدفع الثمن".
وأكد شحادة أنّ "الثقة كاملة بفخامة الرئيس الذي يقوم بما يلزم، ويملك المصداقية لإقناع كل مكونات الدولة"، وقال: "لننتظر نتيجة جلسة الثلثاء، لأن الحوار الهادف مكانه طاولة الحوار".
وشدد على أن "الجيش قادر على وضع خطة وتنفيذها والتعامل مع اللبنانيين بالتساوي ووفق القانون".
وقال: "في ما يتعلّق باليونيفيل، إن تجديد مهمّتها أمر
دوري وطبيعي، لكن المستغرب هو الموقف الأميركي الذي اعتبر أن اليونيفيل لم تتمكن من ضبط انتشار
حزب الله على الحدود".
وتابع: "خلال هذه المهلة سيتغيّر الوضع في الجنوب مع انسحاب إسرائيل وإطلاق الأسرى وترسيم الحدود اللبنانية –
السورية وحسم مسألة مزارع شبعا. اليوم، هناك صفحة جديدة مع سوريا بعد سقوط نظام الأسد، إذ تتعامل معنا كدولة لا مع طرف واحد، كما في السابق. السعودية بادرت إلى تقريب وجهات النظر ونجحت، حيث بدأت الاجتماعات تعقد في الرياض، مما سيمهد لاتفاقات في ترسيم الحدود وعودة النازحين، بل وحتى في التعاون الاقتصادي".
وأردف: "للمرة الأولى، نتحدث مع سوريا ضمن إطار واضح، وأرى أنّ العلاقة يجب أن تكون بين دولتين، لا عبر المجلس الأعلى اللبناني السوري الذي فرض علينا منذ نظام البعث، واستخدم للسيطرة على لبنان. أما في موضوع ضبط الحدود، فالتعاون بين الدولتين واجب، مع تطوير عديد الجيش والتكنولوجيا المتاحة له حتى يتمكن من فرض سيطرته الكاملة على الحدود".
وعن إنشاء وزارة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أوضح شحادة أن "الحكومة في بيانها الوزاري تعهدت بإنشاء وزارة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتم وضع مشروع قانون أو مسودة منذ نحو ثلاثة أشهر على جدول أعمال
مجلس الوزراء"، وقال: "وعدنا دولة الرئيس نواف سلام بأن يكون هذا الموضوع مدرجا على جدول أعمال الجلسة المقبلة، وهو يعتبره إنجازا مهما لهذه الحكومة. وكذلك، فإن فخامة الرئيس يرى أن إنشاء هذه الوزارة بات ضرورة، لما لها من دور أساسي في خدمة الدولة والاقتصاد ككل، إذ تكمن مسؤوليتها في إعداد الاستراتيجيات والقوانين والأنظمة ورفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها".
ولفت إلى أنّ "هذه الخطوات ضرورية لتسريع العمل والاستفادة من الوقت الضائع. كما أن الرقمنة جزء أساسي من مهامها، غير أنّ رقمنة الاقتصاد لا يمكن أن تتحقّق من دون رقمنة الدولة وإداراتها، لأنّ هناك تكاملاً عضوياً بين الجانبين، فكل معاملة يقوم بها المواطن مع الدولة تتداخل فيها أيضاً القطاعات الخاصة، والمواطنون هم أول المعنيين بهذا التحوّل. ومن أبرز مهمات الوزارة بناء المنظومة الرقمية التي ستربط الوزارات ببعضها البعض، بما يتيح لها تبادل المعلومات في ما بينها، إلا أن هذه العملية تستغرق ما يقارب السنة لإنجاز البنية الرقمية الكاملة".
وقال: "من حسنات التأخر في البدء بهذه الخطوات أنّنا تمكّنا من الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا، ورأينا ما قامت به. نحن في لبنان نمتلك طاقات بشرية لا مثيل لها في أي بلد آخر، ونملك روح الابتكار والمبادرة، وأنا على يقين كامل بأننا سننجح في هذا المشروع وسنكون من الدول الرائدة في هذا المجال".
وأشار إلى أنّ "الوزارة ستركّز على تطوير المهارات اللبنانية في مجالات التكنولوجيا. صحيح أننا استطعنا أن نبرِز لبنانيين مبدعين في هذا المجال، لكن معظمهم يضطر للبحث عن فرص عمل في الخارج. وإذا نجحنا في مشروعنا، فسنتمكّن من إتاحة الفرصة أمام هؤلاء لبناء مستقبلهم في لبنان والمساهمة في تطوير هذا القطاع".
وأوضح أنّ "الوزارة ستعمل أيضاً على تطوير البيئة الحاضنة للشركات التكنولوجية ومشاريع الذكاء الاصطناعي وتأمين التمويل اللازم للمشاريع الناشئة".
وقال: "هناك تكامل وفهم داخل مجلس الوزراء، لأن التحول الرقمي في القطاع العام والاقتصاد اللبناني لا يمكن أن يكون مسؤولية وزارة واحدة فقط، بل هو مسؤولية جميع الوزراء الـ24. ومن هنا، فإن التعاون بين وزارة الدولة لشؤون التكنولوجيا ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية يعد أساسيا، إذ إن وزارة التنمية الإدارية معنية بتأهيل الإدارات وتجهيزها وتسهيل المعاملات وإعادة هندستها، فيما تتولى وزارة التكنولوجيا تحويل هذه المعاملات إلى رقمية. كذلك، هناك تكامل مع عدد كبير من الوزارات، لأن الأجندة الرقمية لا يمكن أن تتحقق، إلا عبر مشروع وطني شامل".
أضاف: "أما وزارة الاتصالات، فلها دور محوري في توفير البنى التحتية اللازمة. وبالنسبة إلى موضوع ستارلينك، تأخر بسبب سوء فهم يتعلق بملف الترخيص، إضافة إلى معارضة بعض الشركات العاملة في القطاع خوفا من المنافسة. وأود أن أطمئن هذه الشركات، إذ إنّ كلفة خدمة “ستارلينك” ستكون عشرة أضعاف ما يدفعه اللبناني اليوم، ومن يدفع هذا المبلغ إنما يطلب خدمة نوعية محددة، وهي ستدعم الاقتصاد اللبناني. ولذلك، علينا كحكومة أن ننظر إلى الموضوع من زاوية الاقتصاد الوطني ككل".
ولفت إلى أن "أي وسيلة اتصال إلكتروني أو تواصل اجتماعي معرضة للاختراق، وبالتالي من يخشى من ستارلينك، عليه أن يخشى أيضاً من تطبيقات مثل واتسآب وغيرها"، وقال: "من هنا، علينا أن نتخذ كل الاحتياطات لحماية هذه الشبكات من أي اختراق محتمل".
وكشف عن أنّ "الوزارة تعمل اليوم على ستة مسارات رئيسية، وقد وردت هذه المسارات في مشروع القانون الذي نأمل أن يُعلن عنه الأسبوع المقبل تمهيداً لبدء التطبيق العملي. لكن في الواقع، لم ننتظر إقرار المشروع في مجلس الوزراء، إذ إنّ مكتب وزير الدولة بأكمله يعمل حالياً مع أكثر من 12 وزارة بهدف وضع خطط مع كل وزير لإدماج الذكاء الاصطناعي في خدمات وزارته".
أضاف: "انطلاقا من مفهوم دستوري بحت، فكل وزير مسؤول عن وزارته، ووزارة التكنولوجيا وإن كان عملها عابرا للوزارات، إلا أنها ملتزمة التنسيق الكامل مع كل وزير في نطاق مسؤوليته المباشرة".
وشدد على أن "التحول الرقمي يتطلب من جميع الوزراء أن يدركوا أهمية هذا الرهان الاقتصادي، لأنه يشكل حجر الأساس في مستقبل الاقتصاد اللبناني"، وقال: "ما يطمئن أكثر هو أننا نلمس اهتماما متزايدا من الجيل الجديد في هذا المجال، وهذا ما يعطينا جرعة أمل حقيقية بإنجاح هذا المشروع ورسم مستقبل واعد".
وعن وزارة المهجرين، أوضح شحادة أن"هذه الوزارة توثق مرحلة أليمة جدا من تاريخ لبنان، ولعبت دورا محوريا في تحقيق المصالحات وإخلاء بعض القرى والمنازل وعودة المواطنين إلى بيوتهم"، وقال: "من واجبنا أن نوثق هذه الحقبة من تاريخنا".
أضاف: "منذ اليوم الأول لتسلمي هذه الوزارة، سعيت إلى توسيع دورها، غير أن الإمكانات اللازمة لذلك لم تتوافر بعد. وقد ارتأيت مع دولة الرئيس أن نركز على إقفال وزارة المهجرين، لا سيما أن حكومات متعاقبة سبقت وأعلنت رغبتها في إقفال هذا الملف".
وتابع: "إن البرنامج الذي أعمل وفقه اليوم ينص على أنني، خلال الأشهر المقبلة، سأحرص على أن يصل كل صاحب حق إلى حقه، وأن يحصل كل مواطن لبناني لم ينل حقوقه بعد على ما يستحقه، حتى وإن كانت الإمكانات غير كافية".
وأردف: "من بين أولوياتنا أيضا حفظ الملفات، إذ تعد جزءاً أساسيا من ذاكرة الجمهورية اللبنانية ويجب صونها. وبدأنا منذ ثلاثة أشهر عملية المسح الضوئي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث جرى ربط الملفات ببعضها وجعلها مرقمنة، بحيث أصبحت المعلومات متوافرة بشكل منظم. ولا يزال ثلث الملفات تقريبا يحتاج إلى مسح ضوئي وإدخال رقمي، وهو أمر سينجز في المرحلة المقبلة. وبهذا نكون قد ضمنا حفظ الملفات، بحيث تبقى ملكا للدولة اللبنانية حتى بعد إقفال الوزارة أو الصندوق التابع لمجلس الوزراء".
وختم: "أبذل كل جهد ممكن لتأمين التمويل اللازم لتحقيق هذه الأهداف".