ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، في كنسية القديستين بربارة وتقلا في بعلبك، صلاة حفل تنصيب راعي أبرشية بعلبك للروم الملكيين الجديد المطران ميخائيل خليل فرحا، خلفا للمطران الياس رحال، عاونه المطران إدوار جاورجيوس ضاهر وكهنة الرعية، بحضور المطران حنا رحمة ممثلا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، السفير البابوي في
لبنان باولو بوجيا، الوزير السابق الدكتور حمد حسن، النائب السابق إميل رحمة، المطران كيرللس سليم بسترس، المطران أنطونيوس الصوري، المطران عصام يوحنا درويش، الرئيس الإقليمي للرهبنة الكرملية الأب عبدو عبدو، رئيس كاريتاس الأب ميشال عبود، رئيس بلدية بعلبك المحامي أحمد زهير الطفيلي، رؤساء بلديات من قرى المنطقة، قيادات أمنية، مخاتير، وفاعليات اجتماعية.
وقال العبسي: "إلى أبنائنا وبناتنا في أبرشيّة بعلبك وتوابعها إكليروسًا وشعبًا، تحيّة أبويّة. بفرح وسرور كبيرين، نقدِّم لكم راعيكم الجديد سيادة المطران ميخائيل الذي انتخبه السينودس المقدّس في المجمع المنعقد في زحلة من 16 إلى 20 حزيران 2025، بعد أن حصل على موافقة قداسة البابا الراحل فرنسيس، رئيس أساقفة على أبرشيّة بعلبك وتوابعها خلفًا لسيادة المطران الياس رحّال الجزيل الوقّار.
جَرَت الرسامة الأسقفية المقدّسة في كنيسة القدّيس بولس بحريصا يوم الأحد الرابع والعشرين من شهر آب المبارك عام ألفين وخمس وعشرين. وقد عاوننا في الرسامة الأسقفيّة أخوانا سيادة المطران جاورجيوس (الحدّاد) الموقّر، رئيس أساقفة بانياس (قيصرية فليبّس) ومرجعيون وتوابعها، وسيادة المطران جاورجيوس (خوّام) الموقّر، رئيس أساقفة اللاذقيّة وطرطوس وتوابعهما، وبمشاركة عدد من أساقفة مجمعنا المقدّس".
اضاف: "يا بعلبك أجيلي عينيك حواليك وانظري فها أبناؤك جاؤوا ومثلوا لديك مثلَ كواكب مستنيرة بالله، من من كلّ رعايا الأبرشيّة المباركة. فارفعي الرايات وأطلقي الأهازيج. هوذا بنوك وبناتك قد جاؤوا يستقبلون فيك راعيهم وأباهم سيادة المطران ميخائيل آتيًا على جناح المحبّة والغيرة والعزم والإقدام، حاملًا أحلامًا ومشاريع ورؤًى ومخطّطات، مالئًا قلبه صلاة من أجلكم وموجًهًا فكره إليكم. فأنتم غاية حياته وقد عزم على أن يقودكم إلى الخلاص، إلى الحياة الأبديّة، عزم على أن يصوّر فيكم يسوع المسيح باذلًا نفسه من أجلكم. فافتحوا له قلوبكم واستقبلوه بمثل ما يليق بالأب وبمثل ما كان لكم من قوّة انتظار. التفّوا من حوله، أحبّوه، ضعوا أيديَكم بيده، أدّوا له الاحترام".
وتابع: "إنّ السينودس المقدّس قد انتخبه راعيًا لكم وأبًا إنّما لا يكفي أن ينتخبه السينودس. عليكم أنتم أن تحوّطوه وتساعدوه لكي يقوم بالخدمة التي انتُدِب لها في هذه الأبرشيّة العزيزة على قلوبنا، ولكي ينجح في العمل الذي أُوكل إليه. أيّها الأحبّاء، أبناء الأبرشيّة ونهضتها وازدهارها وتقديسها وخلاصها عملُنا كلّنا، عملٌ مشترَك في وِسع كلّ واحد منّا أن يسهم فيه بالمقدار الذي يسعه أن يسهم فيه".
واردف: "هوذا المطران ميخائيل قد جاء إليكم باسم المسيح والكنيسة وكلّه ثقة بالنجاح متّكلًا
على الله وعليكم وعلى إخوته المطارنة. بعلبكّ تعنينا كلّنا وأعمدتها الصلبة المنتصبة إلى السماء والراسخة في الأرض والدالة على البقاء مصدر إلهام لنا لنكون نحن كذلك راسخين في أرضنا متطلّعين إلى السماء باقين صامدين. كذلك هذه الكاتدرائيّة التي غرستها يد الله مع أيادي آبائنا لتبقى وتتحدّث عن الإيمان والرجاء والمحبّة وعن الشهادة التي شهد بها آباؤنا وأجدادنا للمسيح، ومنهم شفيعة هذه الكاتدرائيّة القدّيسةُ الشهيدة بربارة".
وتوجه إلى كهنة ورعية الأبرشية بالقول: "يا كهنة أبرشيّة بعلبك الذين يحملون الأبرشيّة ويضحّون من أجل استمرار رسالتها وازدهارها ؛ يا أبناءنا وبناتِنا الذين في أبرشيّة بعلبكّ، هنيئًا لكم بمطرانكم الجديد. وإذ نشكر سيادة المطران إدوار ضاهر الذي دبر الأبرشية مع قدس الأرشمندريت يوسف شاهين، نبارك لكم وندعو لكم بالتوفيق والنموّ في حياتكم المسيحيّة وشهادتكم الإنجيليّة. معكم نستقبل مطراننا الجديد ميخائيل بالفرح والتهليل والشكر لله الذي بعثه فينا رسولًا على هوى قلبه، مرنّمين له بصوت واحد وقلب واحد: لسنين كثيرة يا سيّد. ولتشملكم جميعًا بركات الله الآب والابن والروح القدس الإله الواحد".
وكان الاحتفال استهل بكلمة ترحيبية للمطران ضاهر قال فيها: "بفرحٍ كبير نستقبلكم اليوم في بعلبك، هذه المدينة العريقة في إيمانها وتاريخها. ونخصّ بالترحيب الأبوي غبطة أبينا البطريرك الذي يشرّفنا بحضوره بيننا، ليمنحنا بركته ويترأس احتفال التولية القانونية لراعينا الجديد. ونفرح اليوم بسيادة المطران ميخائيل فرحا، الذي يسلَّم عصا الرعاية بعد شغور الكرسي الأبرشي لأكثر من ثلاث سنوات. نصلي من أجلكم يا سيدنا، أن يمنحكم الرب الصحّة والقوّة لتقوموا بمهمّات الأسقف الثلاث: التعليم، والتقديس، والتدبير، في خدمة النفوس وخير أبنائنا وبناتنا. نرجو أن تكونوا، على مثال أسلافكم المطارنة، أبًا محبًا لهذه المنطقة وأهلها، بكل أطيافها وطوائفها، فتتابعون مسيرة المحبة والانفتاح التي طبعت تاريخ هذه الأبرشية".
وختم: "شكرًا لكل من حضر وشارك وتعب وهيّأ لإنجاح هذا اليوم المميّز، الذي يزرع في قلوبنا رجاءً جديدًا، ويجعل أبرشيتنا تنطلق باندفاع متجدّد في مسيرتها مع راعيها الجديد. أهلاً وسهلاً بكم جميعًا، وليبارك الرب هذه الأبرشية، ويظلّلها بنعمه وسلامه على الدوام".
وبدوره، ألقى المطران الجديد فرحا كلمة قال فيها: "بكل خشوع وفرح ووسط أجواء من الرجاء والوحدة تحتفل أبرشية بعلبك بتنصيب راعيها الجديد. أقف أمامكم في هذه الساعة، بقلب ممتلئ بالامتنان الله، الذي دعاني، رغم ضعفي، لأكون خادما في كنيسته، وراعياً لأبرشيتنا الحبيبة - بعلبك. وأقف أمامكم أيضا، بقلب مغمور بالتأثر، وأنا أشعر بثقل النعمة، ومسؤولية الخدمة".
وتابع: "في هذا اليوم المبارك، أشكر الله أولا، على دعوته لي التي لم تكن صدفة، بل سرا يرافقني منذ طفولتي، ويتجلى اليوم في هذه الرسالة الجديدة. وأشكره لأنه يرافقني دوما بنعمته، ويقويني حين أشعر بالضعف".
وأضاف: "اغتنمها فرصة كي أفصح لكم عن سر عميق، هو أني وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، بفضل ابن بعلبك
الكريم الأب المرحوم يوحنا عوض الذي لا يبارح تفكيري أبدا تعليمه، خدمته الرعوية والكهنوتية حين كان راعيا لبلدتنا رأس بعلبك لمدة ثلاثين سنة تقريبا. نبرة صوته في عظاته تطن في أذني حتى الساعة، آلامه بسبب مرض السكري في أواخر حياته وانتقاله إلى الديار السماوية في مثل هذه الأيام 7-9- 1989، لا زالت تدعوني للصلاة والتضرع لأجله. الله أعلم بالمودة التي كانت تربطنا خصوصا بعد إبرازي النذور الرهبانية وساعة رسامتي الكهنوتية كيف حضر مسرعًا إلى حريصا للمشاركة، والكلمة التي القاها في نهاية الرسامة من خارج البرنامج. كنت ولا أزال أفتخر به كمعلم ومربي وراع دون مقابل، لأنه كان سبب دعوتي في الكرمل وسبب محبة الكنيسة وخدمتها".
واردف: "ولا يسعني إلا أن أشكر قداسة البابا لاون على ثقته الأبوية، والممثل بيننا بسعادة السفير البابوي باولو بورجيا الذي تكلف مشقة الطريق للمشاركة معنا، كما أشكر لغبطة أبينا البطريرك يوسف العبسي الذي شرفني بوضع يده المباركة عليّ وسيامتي أسقفا، كما أشكر أمامكم أساقفة السينودس المقدس للروم الملكيين الكاثوليك معبرين بذلك عن وحدة الكنيسة الجامعة وسيرها على درب الإنجيل الحق كما يذكرنا بكلمات يسوع: "من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن فيكم خادمًا (متى 26: 20)، الساهر على وحدة كنيستنا الروم الملكيين الكاثوليك وتقدمها، شكري أيضا لأصحاب السيادة المطارنة والكهنة الأحباء، الذين رافقوني بمحبتهم وصلاتهم. كما يشرفنا الحضور الكريم لممثلي الطوائف الكريمة من أصحاب السيادة والسماحة والفضيلة ومشايخ المنطقة، الذين بوجودهم يجسدون أسمى معاني العيش الواحد والمحبة المتبادلة والتعاون الروحي والإنساني من اجل الخير العام".
وأشار إلى أن"بعلبك ليست فقط مدينة التاريخ والحضارة، بل هي أيضا أرض الإيمان، والصمود، والتنوع المبارك. إنها مدينة الكنيسة الحية، التي وإن كانت قليلة في العدد، فهي كبيرة في الإيمان، ثابتة في الرجاء وغنية بالمحبة".
وتابع: "أعرف التحديات التي نعيشها جميعًا، الوضع الاقتصادي الخانق، الهجرة التي تستنزف أبناءنا، التهميش، أحيانًا، لحضورنا كمسيحيين. لكنني أؤمن أن حضورنا ليس عدديًّا فقط بل هو نوعي، وإنجيل حي يقرأ في شهادات المحبة والرجاء والخدمة... أعلم تماما ما نمر به 4من ظروف قاسية، الوضع الاقتصادي يخنق الناس، والهجرة تسرق أبناءنا، والقلق دائم، وقد نشعر أحيانا بالوحدة أو الإهمال. لكن دعوني أقول لكم من القلب لستم وحدكم، لقد جئت من أجلكم، جئت لنعيش إيماننا معًا، ونتقوى معا، وتزرع الرجاء في هذه الأرض التي تحمل كرامتها، وناسها، وكنيستها الحية".
ورأى أن "الكنيسة قد تكون قليلة في العدد، لكنها عظيمة في الإيمان. أريد أن أكون اسقفا لا يتسلط من فوق، بل يخدم من القلب، أسقفا يصغي لآلام الناس قبل أن يتكلم، يزور بيوتكم كما يزور الكنيسة، يهتم بالشباب، ويعرف هموم العائلات، ويقف بجانب الفقراء والمحتاجين. ولا أريد أن أعمل وحدي، فأنا لا أستطيع بمفردي. الكنيسة ليست شخصا، الكنيسة نحن جميعًا. أحتاج إلى كل واحد منكم، بصلاتكم، بنصيحتكم، وبعملكم الصالح. صلوا من أجلي، كي يمنحني الله
الحكمة، والتواضع، والصدق لكي أظل راعيًا صالحًا، ولا أنسى يوما أنني أخ لكم، قبل أن أكون مسؤولا عنكم".
وختم: "أوجه تحية محبة لكل إخوتنا وأخواتنا من مختلف الطوائف في هذه المنطقة. معا نبني، ومعا نصلي، ومعا نحب هذا الوطن. فلتكمل المسيرة معا، يدا بيد، قلبًا واحدًا، وأعيننا إلى الرب، الذي قال : "لن أهملكم ولن أترككم". المسيح حاضر معنا، وكنيستنا حية، والرجاء لا يموت. المجد لإلهنا، من الآن وإلى الأبد، آمين". (الوكالة الوطنية)