كتب رضوان عقيل في" النهار": لا يتقبل "حزب الله" أيّ دعوة إلى التفاوض مع إسرائيل ولا الجلوس مع أيّ من ممثليها. ولم يتلقّ بارتياح دعوة الرئيس جوزف عون إلى دخول لبنان في مفاوضات مع إسرائيل ولو بطريقة غير مباشرة، ولم يدخل الحزب في رد مباشر على رئيس الجمهورية، ولا سيما بعد ترطيب الأجواء إثر زيارة النائب محمد رعد لقصر بعبدا.
يظهر عون في جلساته مناخات تفاؤلية رغم كل الأعباء الملقاة على البلد. ولم يأت كلامه الأخير مفاجئاً، إذ كان قد أشار إليه بطريقة غير مباشرة خلال لقاءاته في الداخل والخارج. وينطلق من عامل "الواقعية" الذي يجب على جميع الأفرقاء في رأيه التوقف عنده في ظل السياسات التي يعمل الرئيس الأميركي
دونالد ترامب على إرساء قواعدها، ولو وفق مفاهيم جديدة.
ويرى قيادي في الحزب أن الدعوة إلى مفاوضات مع إسرائيل استعجال في غير محله، ومن الأسلم أن تكون التسوية داخلية ولا تتحول خارجية، ويجب انتظار ما ستخلص إليه الأمور في غزة.
وبالعودة إلى دعوة عون، فإن مراقبين يرون فيها أنها تصب في مصلحة الحزب إذا تمت هذه العملية التفاوضية الشاقة بتدخل حقيقي ومباشر من
ترامب، ولم يربط عون دعوته هذه بحصر السلاح وإن كان يرى في نهاية هذا المطاف أن لا مهرب أمام الحزب من تسليم كل ترسانته العسكرية الثقيلة ووضعها في يد الجيش وفقاً لقرار الحكومة.
ويترقب رئيس الجمهورية المرحلة الثانية في غزة، وهي تخلي "حماس" عن سلاحها، ليسوق دعوته أكثر في لبنان على قاعدة "لا مفاوضات تحت النار"، لكن ثمة من يرى أن نتنياهو قد لا يوافق اليوم على هذا النوع من المفاوضات مع لبنان ما دام يستثمر ما حصده في معاركه الأخيرة، ومن غير المتوقع أن يبدي الحماسة المطلوبة لهذا الطرح، إلا اذا تلقى أمراً مباشراً من ترامب يجبره على السير بالمفاوضات رغم عدم توافر ظروف إنضاجها وتسويقها في الداخل اللبناني. وإذا كان هناك جهات نيابية وسياسية سارعت إلى تلقف دعوة عون، فإن الحزب لم يتقبلها، لكنها تبقى محل درس عند الرئيس
نبيه بري. وبين من يؤيد هذه المفاوضات ومن يعارضها، ثمة من يدعو إلى حل وسط إذا توافرت المعطيات التي تقضي بانسحاب إسرائيل واستعادة الأسرى وتسليم سلاح الحزب إلى الجيش في خطوات متزامنة، وعدم السير بالتطبيع الذي تعمل عليه
واشنطن.
وكتب الان سركيس في" نداء الوطن":تُعتبر قضية غزة محور السياسة الإقليمية الحالية. ويبقى السؤال، هل سيبقى لبنان رهينة المواقف السابقة، أو أنه سيكسر كل الحواجز ويذهب إلى السلام؟لم يشف لبنان بعد من نتائج حرب الإسناد التي دمّرت جزءًا من الجنوب وأنهت «حزب الله» العسكري بشكله السابق. وتشير كل المعطيات والمؤشرات والمعلومات إلى أن لا إعادة للإعمار قبل نزع كل سلاح غير شرعي وعلى رأسه سلاح «حزب الله» والمباشرة بعملية سلام تمنع الحروب.
وفي السياق، برز كلام رئيس الجمهورية جوزاف عون عن التفاوض مع إسرائيل والسلام، وقامت عاصفة ردود غير مبرّرة على كلام الرئيس، خصوصًا من محور «الممانعة» الذي يرى التفاوض حسب مصالحه.
وإذا كان البعض يشير إلى ما يقوم به الرئيس السوري أحمد
الشرع من تفاوض مع إسرائيل لضمان سلامة
سوريا واستعادة الحقوق، إلا أن هناك من يغمز من قناة رئيس الجمهورية اللبناني بالقول إنه لا يحقّ له التفاوض لوحده لأن الدستور وخصوصًا دستور «الطائف» لا يمنحه هذا الحقّ.
وبالعودة إلى الدستور، فالمادة 52 واضحة وتعطي الرئيس صلاحية المفاوضة الخارجية، وتنص هذه المادة على أن يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح المعاهدات مبرمة إلا بعد موافقة
مجلس الوزراء. وتقوم الحكومة بإطلاع مجلس النواب عليها كلما سمحت بذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. كذلك فإن المعاهدات التي تتعلق بمالية الدولة أو المعاهدات التجارية أو أي معاهدات أخرى لا يمكن فسخها سنة بسنة، ولا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب.
إذًا، المادة 52 واضحة وتمنح الرئيس هذا الحق والصلاحية، وبالتالي، باتت الأمور في ملعب الرئيس عون، ويملك قدرة قلب الطاولة وإنهاء حقبة دموية من تاريخ لبنان تجسّدت بـ «حروب الآخرين على أرض لبنان».
وفي السياق، تراقب بعبدا الوضع عن كثب، وتقرأ جيدًا في تركيبة المنطقة الجديدة، ولا تريد للبنان أن يخرج من ركب المنطقة. لا تنازل عن الحقوق والأرض، لكن لا لإدخال لبنان في مواجهات عبثية تكون خدمةً لمصالح الآخرين وليس مصلحة الجنوب ولبنان.
لا يريد عون تفاوضًا مباشرًا في هذه المرحلة، بل يرغب بتفاوض على طريقة الحدود البحرية وبرعاية أميركية، وهناك نقاط عدّة عالقة مثل الأراضي المحتلة، والنقاط البرية الـ 13 وقضية مزارع شبعا والحدود البحرية والثروة الغازية والنفطية، وبالتالي، أي تفاوض سيكون لاسترجاع هذه الحقوق.
ولا يخفي عون في تصاريحه الرغبة بالسلام، فلبنان عاش الحروب المدمّرة، وبات غير قادر على دفع الفواتير عن غيره، وإنهاء الحروب والعودة إلى الاتفاقات الدولية تعني حالة سلام لا حرب، وبالتالي، لا خجل في لبنان من طرح هذا الموضوع.يراقب الجميع كيف سيتصرّف عون في المرحلة المقبلة، العيون شاخصة إليه، يستطيع أن يمضي في عملية التفاوض والسلام، ويملك حق المضي والتوقيع، فهل سيكسر المحرمات ويذهب باتجاه حلّ أكبر مشكلة في تاريخ لبنان وأساس كل المشاكل؟ النية موجودة، والمرحلة المقبلة ستكشف المزيد.
وكتب معروف الداعوق في" اللواء": حرَّكت دعوة رئيس الجمهورية جوزف عون للتفاوض مع اسرائيل، لحل المشاكل العالقة معها، الوضع السياسي من جموده، واخرجته من دوامة الترقب والانتظار، الى المبادرة ، املاً بالتوصل الى الحلول المطلوبة لمشكلة الاحتلال الاسرائيلي للتلال الخمس جنوباً، وإنهاء الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، وبقية المشاكل المنبثقة عنها.
وبينما لم تصدر اي مواقف سياسية وازنة رداً على موقف رئيس الجمهورية هذا ، والذي اعتبره البعض مفاجئاً، ولم يكن يتوقعه في هذا الوقت بالذات، وهو ما يعني استناداً، لمصدر سياسي بمثابة تأييد ضمني لهذا الموقف، وإن كان من دون اعلان رسمي، بينما يبقى
التزام حزب الله الصمت ، وعدم اعلان عن اي رد او تعليق، موضع تساؤل واستفسار، لاسيما وأنه لم يكن في حساباته، ان يصدر عن رئيس الجمهورية مثل هذا الموقف.
هل يعني ذلك ان موقف رئيس الجمهورية سالك باتجاه التفاوض مع اسرائيل ومن دون عراقيل او مطبات تعيق ذلك؟
في رأي المصدر ان هناك رغبة عارمة لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين للخروج من حالة التصعيد والاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة جنوباً، وهذا لا يمكن تحقيقه بأي اساليب اخرى، غير التفاوض، في حين تعتبر هذه الرغبة من العوامل المهمة لسلوك دعوة رئيس الجمهورية طريقها الى الامام، مع وجود رغبة لدى الاميركيين للتوسط بين لبنان واسرائيل.
وبالنسبة لموقف حزب الله، يعتبر المصدر ان الحزب محرج، لانه لا يملك بمفرده قرار تأييد او رفض دعوة رئيس الجمهورية للتفاوض مع اسرائيل، وإن يكن ما تم تداوله من معلومات تفيد باستياء في اوساط الحزب من موقف عون هذا، لانه يُسقط من الحزب ورقة مهمة يتذرع بها باستمرار، للابقاء على سلاحه خارج سلطة الدولة.