ذكر موقع "ارم نيوز"، أنّ مصادر عسكرية وخبراء أمنيين لبنانيين، قالوا إنّ "
حزب الله" قطع خلال العامين الأخيرين مسارًا حاسمًا نحو بناء نواة صناعة عسكرية داخل
لبنان، مستفيداً من الخبرة التي راكمها في الحرب
السورية، ومن الدعم التقني المباشر الذي قدمه الحرس الثوري الإيرانيّ له".
وأفادت مصادر أنّ "هذا التحوّل لم يأتِ من فراغ؛ بل تشكل عند اللحظة التي أدرك فيها "حزب الله" أنّ خطوط الإمداد التقليدية عبر
سوريا والبحر المتوسط باتت مكشوفة وعرضة للضربات، وأن مشروع "الصواريخ الدقيقة" الذي أطلقته طهران لا يمكن أنّ يستمر دون نقل جزء من عملية التجميع والتحديث إلى الداخل اللبناني".
وتحدثت تقارير إسرائيلية صادرة عن مراكز أبحاث، مثل "Alma" و"BICOM" على مدى سنوات عن "إنشاء ورش ومرافق صغيرة لتحويل الصواريخ غير الدقيقة إلى صواريخ ذات قدرة توجيه أعلى، قبل أن يتطور الأمر إلى خطوط إنتاج محدودة داخل لبنان، بعضها تحت الأرض في
البقاع والضاحية الجنوبية".
ومع ارتفاع وتيرة الاستهداف
الإسرائيلي لقوافل السلاح في سوريا، واشتداد الرقابة البحرية على الشحن عبر المتوسط، وجد الحزب نفسه مضطرا إلى توسيع هذه الورش لتشمل تحديث الصواريخ، وتصنيع أجزاء من المسيّرات، وإنتاج مواد تفجير وأنظمة مساندة، وفقًا لمصادر عسكرية.
ويتوسع الاعتماد على تصنيع وتجميع الطائرات المسيّرة داخل لبنان. فالأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصرالله، قال علنًا إنّ "الحزب" ينتج المسيّرات منذ سنوات، وإنه قادر حتى على بيعها".
وتحدّث مصدر عسكري عن توسع واضح في هذا الاتجاه، مع ازدياد إنتاج المسيّرات الانتحارية والمسيّرات الاستطلاعية بوصفها سلاحًا أرخص وأكثر مرونة، ويقول إنّ "الحزب" بات يملك ورشًا متعددة لتجميع المسيّرات من مكوناتها المتفرقة، التي تدخل إلى لبنان على شكل قطع مدنية: أجنحة في بعض الشحنات، ومحركات في شحنة أخرى، وأجهزة اتصال في شحنة ثالثة، بحيث لا يثير أيٌّ منها الشبهة".
ويشير المصدر العسكري إلى أن خريطة المواقع المرتبطة بالتصنيع داخل لبنان ما زالت غامضة، لكنها باتت أكثر وضوحًا بعد 2019، حين نشر الجيش الإسرائيلي صورًا زعم انها لمواقع تحويل قرب مطار
بيروت والضاحية. لاحقًا، ظهرت تسريبات إسرائيلية وأوروبية عن منشأة تحت الأرض في سهل البقاع قيل إنها مخصصة لتجميع الصواريخ الدقيقة، قبل أن تعلن
إسرائيل في 2024 تدمير "أكبر موقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة" في لبنان. وفي 2025، تحدثت مصادر إسرائيلية عن مصنع تحت الأبنية في الضاحية الجنوبية، قالوا إنه يستخدم لتجميع المسيّرات الانتحارية، إضافة إلى ورش أصغر في النبطية ومرجعيون ومحيط القرى الحدودية.
المصادر
اللبنانية تتعامل بحذر مع هذه المعلومات، إذ ترى أنها خليط بين الوقائع الحقيقية والحرب النفسية. لكنها تقرّ بوجود "ورش وخبرات صناعية" مرتبطة بالحزب في مناطق مختلفة، مستفيدة من شبكة أنفاق ومخازن تحت الأرض بُنيت منذ ما قبل حرب 2006 وطُورت لاحقًا خلال الحرب السورية.
وعلى مستوى القيادة، تشير تقارير غربية إلى أن مشروع الصواريخ الدقيقة وملف التصنيع عمومًا مرتبطان مباشرة بالحرس الثوري
الإيراني وفيلق القدس، اللذين نَقلا التكنولوجيا والكوادر إلى لبنان عبر سنوات. وكان القائد العسكري فؤاد شكر، الذي اغتالته إسرائيل في العام الماضي، أحد أبرز المسؤولين عن هذا الملف داخل الحزب، إلى جانب وحدات من "مجلس الجهاد" مهتمة بالتسليح والبحث والتطوير.
ومع انكفاء جزئي للدور الإيراني في سوريا والاغتيالات المتكررة لقادة فيلق القدس، تشير تقديرات أمنية غربية إلى اتجاه متزايد نحو "لبننة" العملية الصناعية، أي الاعتماد أكثر على الكوادر المحلية، فيما يقتصر الدور الإيراني على التكنولوجيا والمكوّنات الحساسة والتمويل.
لكن السؤال الذي يشغل تل أبيب وبيروت هو ما إذا كان هذا التصنيع المحلي يتيح للحزب تعويض تراجع خطوط الإمداد التقليدية. في هذا السياق، تشير التقديرات
الإسرائيلية إلى نجاح كبير في مجال المسيرات الانتحارية، بينما يبقى تطوير الصواريخ الدقيقة أكثر صعوبة بسبب حساسية مكوناته وسهولة رصدها. (ارم نيوز)