كتب ابراهيم بيرم في" النهار"؛ امتص "حزب الله" رد فعله ورد فعل بيئته حيال تطورين مستجدين وهما: رفع مستوى التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، وتسمية رئيس الجمهورية جوزافعون السفير السابق سيمون كرم المفاوض المدني ورئيس الوفد، لهذه المهمة الحساسة، وهو الذي لايكتم خصومته لـ"حزب الله".
الحزب اعتصم بالصمت، باستثناء رد مختصر فحواه: انتظروا الاطلالة المقررة للأمين العام للحزب بعد ظهر يوم الجمعة. لكنه ترك لبيئته أن تعارض هذا الأداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشفوعاً بمسيرات دراجات نارية محدودة ومضبوطة في مناطق عدة. وهذا يدل، وفق من هم في أجواء دوائر القرار في الحزب على أمرين:
الأول أن الحزب كان على دراية تامة بكل المقدمات التي أفضت إلى أن يذيع قصر بعبدا بيان عون بهذا الشأن، ويؤكد فيه أنه مُحظى بموافقة الرئيسين
نبيه بري ونواف سلام.
الثاني أن الحزب بات مقتنعاً اكثر من أي وقت مضى بأن ثمة مرحلة جديدة ومساراً مختلفاً للأمور يتوجب عليه الإقرار بها والتكيف معها.
وفي كل الأحوال، ثمة معلومات تظهر أن الحزب تبلغ ما يفيد بأن خطوة عون هي لكبح العدوانية
الإسرائيلية واستطراداً امتصاص حملة الضغوط الأميركية. لذا والحال هذه، يفترض بالحزب التعاون لتلافي الأسوأ ودرء الأخطر. ولكن الحزب رد بإبداء المرونة، إلا أنه أصر على طرح السؤال على قصر بعبدا عن الضمانات التي حصل عليها من
الأميركيين وسواهم التي من شأنها أن تضمن وقف العدوانية الإسرائيلية والنتائج التي ستتمخض عن هذه المفاوضات
وتكون ضامنة لمصالح
لبنان، وأن لا تنتهي هذه المفاوضات بآفاق مصالحة ومعاهدة سلام مع
الإسرائيلي تقود إلى التطبيع.
وجاء جواب القصر بأن الرئيس لم يحصل على ضمانات بل وصلته تطمينات أميركية بكبح عدوانية إسرائيل وضمان عدم قيامها بعمل عسكري واسع وفق ما هددت به مراراً.
ومع ذلك فإن الحزب لم يطمئن تماماً خصوصاً وأنه سمع قبل فترة ليست ببيعدةعون نفسه وهو يقول كلاماً يعرب فيه عن استعداد لبنان للذهاب إلى أبعد من الاتفاقات السابقة والحالية، إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي
اللبنانية التي احتلتها أخيراً.
ويرفض الحزب المقارنة التي يعقدها البعض بين المفاوضات الحالية وبين مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي سبق للبنان أن أجراها مع تل أبيب، إذ إن الأولى اقتصرت على موضوع واحد معلن، وكان طابعها تقنياً بحت، أما الحالية فهي تفاوض مفتوح ويجري تحت رعاية أميركية مباشرة.
وكتب رضوان عقيل في" النهار": لم يتقبل "الثنائي" خيار التوجه إلى مفاوضات مع إسرائيل، ولو أن الرئيس
نبيه بري له رؤيته في هذا المجال، شرط ألا تتجاوز المفاوضات السقف الأمني. ولو سئل قيادي في "حزب الله" وحركة "أمل" أو أي رجل دين في صفوف هذا المكون قبل فصول "طوفان
الأقصى" عن الدعوة إلى التفاوض مع إسرائيل ولو بطريقة غير مباشرة، لوضع هؤلاء هذا التوجه في خانة "المحرّمات". السواد الأعظم من الشيعة يرفض هذه المشاركة في المفاوضات ويتحسس من وجود السفير سيمون كرم على رأس الوفد، ولا يتقبل مواقفه السياسية، ولا سيما عند جمهور "حزب الله". صحيح أن رئيس الجمهورية عيّن كرم، لكن الوقائع تثبت أن تزكية اسم ابن جزين جاءت بناءً على "تعليمات واضحة" قبل أكثر من شهرين من الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي تبلغت من الرؤساء عدم الاعتراض على تطعيم "الميكانيزم" بمدنيين تقنيين، على أن يبقى وفد لبنان برئاسة ضابط في الجيش، إلى أن كُلّف كرم هذه المهمة.
وشكلت مشاركة كرم في المفاوضات مادة نقاش عند قيادة الحزب، وسيتناول الشيخ نعيم قاسم هذا الموضوع وأبعاده في كلمته اليوم.