تعيش
إيران واحدة من أخطر أزماتها البيئية، في ظل تحذيرات رسمية متصاعدة من نفاد المياه في عدد من المدن الكبرى، على رأسها تبريز وطهران.
فقد أعلن محافظ أذربيجان الشرقية، بهرام سرمست، أن مدينة تبريز الواقعة شمال غربي البلاد قد تواجه شبح الجفاف التام خلال 75 يوماً فقط، إذا استمر الوضع على حاله، مؤكداً أن 55% من مياه الشرب في المدينة تعتمد على خط زرینه رود، في حين تراجع منسوب المياه في سد بوكان إلى الثلث، ما أدى إلى أزمة حادّة في التزوّد بالمياه.
تزامن هذا التحذير مع موجة احتجاجات متزايدة في عدد من المحافظات
الإيرانية نتيجة الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء.
ففي محافظة جيلان شمالاً، تظاهر عشرات المواطنين في مدينة خمام، رافعين شعارات مثل: "الماء، الكهرباء، الحياة… حقنا المشروع"، كما شهدت سبزوار في محافظة خراسان رضوي تظاهرات مماثلة، وسط غضب شعبي من تعطّل الحياة اليومية وتراجع النشاط الاقتصادي.
الأزمة لم تقتصر على المدن الشمالية، بل وصلت إلى
طهران نفسها. مدير سد كرج، أحد أهم مصادر تغذية العاصمة بالمياه والكهرباء، حذّر من احتمال توقف المحطة الكهرومائية خلال أسبوعين نتيجة انخفاض منسوب المياه، فيما أطلق
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تحذيراً من "كارثة وشيكة"، مشيراً إلى أن استهلاك المياه بمعدلات مرتفعة قد يؤدي إلى نفاد مخزون السدود في الشهر المقبل أو الذي يليه، مضيفاً أن العديد من الآبار باتت جافة تماماً.
بيانات رسمية كشفت عن انخفاض بنسبة تفوق 50% في مخزون المياه في 15 من أهم السدود الإيرانية مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغ حجم المياه المخزنة حالياً 22.6 مليار متر مكعب فقط، أي أن أكثر من نصف السعة التخزينية للسدود أصبحت فارغة.
وفي طهران، كشف مدير شركة مياه الشرب والصرف الصحي أن 70% من السكان يستهلكون كميات تفوق الحدّ المسموح به، والمحدد بـ130 لتراً للفرد يومياً، محذراً من تداعيات كارثية محتملة.
كما نبّه مسؤولون في قطاع المياه إلى أن توصيل المضخات مباشرة إلى الشبكة العامة يزيد من دخول الهواء إلى العدادات، ما يرفع قيمة الفواتير إلى مستويات غير منطقية، تصل أحياناً إلى 20 ضعفاً.
في ظل هذه المؤشرات المقلقة، تبدو إيران مقبلة على صيف بالغ الصعوبة، مع اشتداد الجفاف وتفاقم الأزمة البيئية والاقتصادية معاً.