حذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى الإدارة الأميركية من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ما كشفته صحيفة "يسرائيل هايوم" الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل تحاول فرض واقع ميداني جديد لا يتوافق مع بنود الاتفاق"، ما يهدد الاستقرار الهش في القطاع.
وأفادت الصحيفة أن القاهرة عرضت خلال محادثات مكثفة مع مسؤولين أميركيين مجموعة من الضمانات الأمنية والسياسية شرطا لاستمرار الاتفاق، تشمل نزع سلاح الفصائل المسلحة في غزة، إقامة وجود أمني فلسطيني،
نشر قوات دولية في القطاع، الربط العضوي بين أي تسوية لأزمة السلاح وإقامة دولة فلسطينية.
وأشارت "يسرائيل هايوم" إلى أن المسؤولين المصريين أبلغوا واشنطن، في الأيام الأخيرة، بمخاوفهم من انهيار المرحلة الثانية من الاتفاق، رغم سعي الولايات المتحدة للانتقال إليها. ولفتت إلى أن أجهزة الاستخبارات المصرية والقطرية تعمل بشكل متواصل على "تذليل العقبات" التي تعترض تنفيذ هذه المرحلة، في إطار جهود وساطة مشتركة.
وأضافت الصحيفة أن القاهرة والدوحة تشتبهان في أن واشنطن منشغلة بوساطة النزاع الأوكراني-الروسي على حساب ملف غزة، مشيرةً إلى أن أميركا "مرهقة من المفاوضات المتعلقة بالمسار الأوكراني، وترى أن لا حاجة للعجلة في الإعلان عن قرارات بشأن المرحلة الثانية طالما أن الاتفاق لا يزال ساريًا — رغم الخروقات الإسرائيلية".
وأكدت المصادر المصرية، وفق الصحيفة، أن الموقف الأميركي يصطدم مع مساعٍ إسرائيلية لفرض واقع ميداني على الأرض، مشيرةً إلى أن مسؤولين مصريين أعربوا خلال اتصالات مع نظرائهم الأميركيين عن قلقهم من مخطط إسرائيلي لتوسيع "المنطقة العازلة" في غزة إلى ثلاثة كيلومترات، ووصفوها بأنها "خطوة غير مقبولة بأي حال من الأحوال".
وفي محاولة لتفادي تكرار سيناريو 7 تشرين الأول، قدمت القاهرة اقتراحات تشمل التزامًا فلسطينيًّا كاملاً بشروط الاتفاق، إبعاد السلاح عن الفصائل في المرحلة الحالية، ضمانات أمنية تحمي المستوطنات الإسرائيلية من جهة، منع إسرائيل من الاستيلاء على أراضٍ جديدة في غزة من جهة أخرى.
كما تضمنت الرؤية المصرية وجودًا أمنيًّا فلسطينيًّا، نشر قوات دولية، إعادة إعمار قطاع غزة وفق جدول زمني واضح، الإنهاء التدريجي لظهور المسلحين في الشارع الغزي.
وأفادت الصحيفة أن مسؤولين مصريين أكدوا لأميركا – لأول مرة منذ بدء الهدنة – أن "من المستحيل إقناع حماس وفصائلها بالتخلي عن سلاحها دون ضمانات حقيقية" تتعلق بأمن غزة، بعدم انتهاك إسرائيل لبنود الاتفاق،
بالتقدّم نحو إقامة دولة فلسطينية.
وشددت المصادر المصرية على أن "أي نقاش حول السلاح مرتبط مباشرةً بإنشاء دولة فلسطينية"، معتبرةً أن استمرار الوضع الحالي – القائم على الهشاشة وعدم الوضوح السياسي – لن يؤدي إلى استقرار دائم، وهو ما يتناقض مع الطموحات التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "إحلال السلام".
وأشارت "يسرائيل هايوم" إلى أن المحادثات، التي شارك فيها أيضًا مسؤولون قطريون، تضمنت تحذيرات من أن القدرات العسكرية في غزة لم تُدمَّر بالكامل، وأن خطر شن هجمات جديدة من القطاع لا يزال قائمًا. ولفتت الصحيفة إلى أن "تحذيرات القاهرة بشأن تداعيات انهيار الاتفاق أدهشت عدداً من المسؤولين الأمريكيين"، ما يعكس حجم المخاطر التي قد تترتب على أي تهاون في تنفيذ الالتزامات المتبادلة.