لم يتطابق "فول" التأليف مع "مكيول" الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فاحترقت الطبخة الحكومية بعد أن كانت قد شارفت على الانتهاء، وعادت الأمور الى المربع الأول مع المطالبة بتوسيع عدد الوزارات الى 24 لتلبية مطالب جميع المكلفين. وفي حين يصرّ الرئيس المكلف حسان دياب على حكومة من 18 وزيراً، يسعى حزب الله الى ارضاء جميع الحلفاء للخروج من الأزمة الراهنة، وخوفاً على موضوع الثقة التي ستنالها هذه الحكومة في مجلس النواب.
وإذا كان "حزب الله"، الذي أعطى الإشارة لحسم عملية التأليف، يسعى لمعالجة الإشكالات المستجدة، من قبل ثلاثة من حلفائه: تيّار "المردة"، الأمير طلال أرسلان، والحزب السوري القومي الاجتماعي، فإن المعطيات التي كشفت عنها أوساط التيار الوطني الحر، تُشير إلى انه لا يزال يطالب بـ"حكومة بين 20 و24 وزيراً، بحجة إمكانية الإنتاج، وحقيبة لكل وزير، الأمر الذي لن يسير فيه الرئيس دياب، الذي يصرّ على حكومة من 18 وزيراً". وهناك نقطة ثانية ان الرئيس ميشال عون لن يرضى بدمج وزارة الاقتصاد بوزارة الدفاع..
في الغضون، وبعدما تبيّن أنّ إحدى العقد الحكومية تكمن في رفض بري تجيير "الثلث المعطل" لمصلحة الفريق العوني، حيث سعى رئيس المجلس إلى اقناع الرئيس المكلف بسحب وزير مسيحي من الحصة العونية، لمصلحة تسمية أمل حداد نائبة لرئيس الحكومة مقابل دمج وزراتي الدفاع والاقتصاد، علمت "نداء الوطن" أنّ باسيل قرّر تعليق الاتصالات والمشاورات الحكومية وتوجّه إلى اللقلوق لتمضية "الويك أند"، بعدما عبّر عن انزعاجه من السلوك السائد، كونه يعتبر، بحسب مصادره، أنّ الوزراء الخمسة المفترض أنهم يمثلون الحصة العونية "غير محسوبين عليه بشكل كامل".
العقد الحكومية مستمرة
اذاً، تتواصل اللقاءات والاتصالات في مسعى لتذليل العقد التي تحول دون تأليف الحكومة، واعتبرت جهات مطلعة على الاتصالات الجارية في مواكبة مأزق التأليف لـ"النهار" ان العقد المتصلة ببعض الحقائب الوزارية وتوزعها حزبياً وطائفياً تبدو جدية و"معتادة" في حال توزيع الحقائب الوزارية على غرار ما كان يجري لدى تأليف الحكومات السابقة وليس ثمة ما يبعث على الاعتقاد بان التشكيلة الحكومية مرشحة لان "تطير" من هذه الناحية. لكن الجهات نفسها لاحظت ان مجريات المخاض الحكومي الحالي انما تحصل بين أفرقاء الصف الواحد بما يثير تالياً التساؤلات الواسعة عن حقيقة ما يجري وماذا يعني ان يستأثر تحالف سياسي بعملية تأليف الحكومة ومن ثم يبدأ اطلاق اشارات حيال عجز هذا التحالف كما الرئيس المكلف عن الاضطلاع بدور التنسيق بين هذه القوى تجنبا لمعركة تقاسم الحصص وافتضاح هشاشة التماسك القائم داخل قوى 8 آذار؟ وقالت ان ثمة معطيات تؤكد ان معركة المحاصصة تكتسب اطاراً جدياً حول التمثيل الوزاري بين اطراف التحالف بما يعني ان التحضيرات الجارية لانجاز الحكومة تتجاوز المديين القريب والمتوسط للحكومة والاستعداد لمرحلة طويلة اذا قيض للحكومة ان تصمد في مواجهة جبهات داخلية وخارجية عدة ستفتح في وجهها وتعبر عن رفض لها كسلطة مقبولة ومطلوبة لانقاذ لبنان من اخطر كارثة مالية واقتصادية واجتماعية حلت به.
مزيد من التعقيد في الافق
وفيما بدا واضحا ان الجمود الذي أصاب الجهود لانجاز التشكيلة الحكومية لم يقترن باي تحرك سياسي علني بارز بما يستبعد معه انتهاء الازمة في الساعات المقبلة أو غداً، تبين ان الشروط والتعقيدات التي برزت منذ يومين بين الافرقاء الداعمين للحكومة لم تتبدد نهائياً حتى مساء امس، بل ان بعض المعطيات أشار الى امكان ان يعلن رئيس "تيار المردة" النائب والوزير السابق سليمان فرنجية في مؤتمر صحافي يعقده ظهر اليوم موقفاً تصعيدياً من تركيبة الحكومة، علماً انه كان طالب في مفاوضات التأليف أولاً بتعيين وزيرين لـ"المردة" وبعدما سمّيت وزيرة لحقيبة الاشغال فقط، برزت عقدة ثانية تمثلت في حصول "التيار الوطني الحر" مع الحصة الرئاسية على الثلث المعطل في التشكيلة الامر الذي رفضه فرنجية. وترددت معلومات مساء أمس عن امكان ان يعلن الاخير عدم مشاركة "المردة" في الحكومة على ان يمنحها نواب التيار الثقة في مجلس النواب.
وثمة عقدة ثانية تتمثل في رفض دياب محاولات لرفع عدد الوزراء الى 20 أو 24 وزيراً بدلاً من 18 الامر الذي يضعه في تجاذب مع "التيار الوطني الحر" ورئيس مجلس النواب نبيه بري اللذين يدفعان نحو رفع عدد الوزراء. اما العقدة الثالثة فتمثلت في دخول الحزب السوري القومي على خط التعقيدات اذ دفع نحو تعيين النقيبة السابقة للمحامين أمل حداد في حقيبة الاقتصاد، فيما يحجز الوزير جبران باسيل هذه الحقيبة لمرشح آخر هو ايمن حداد.